المصارف الإسلامية تذبح على الطريقة الشرعية
بدأت ظاهرة إنتشار المصارف الإسلامية في العراق الجديد ما بعد التغيير. وهي تلك المصارف التي تمارس النظام المصرفي الإسلامي الذي يعتمد الطابع الخاص من حيث طريقة العمل والتعامل مع العملاء. ودائما ما يتم العمل تحت أسس تخضع إلى الأحكام “الشرعية الإسلامية” في نظام تعاملها المالي والمصرفي. وأن هذا النظام من المفترض أن يكون في مصلحة الجميع، بحيث يخدم “المواطن” وهو العميل الذي يتعامل مع المصرف الإسلامي، حيث ممكن أن يقدم له الخدمات بدون أي فوائد أو أرباح وتعاملات ربوية. وكذلك هو يخدم “الإقتصاد الوطني” للبلد ويقدم خدمة للوطن أولا ثم المواطن ثانيا. لكن للأسف الشديد هذه الأمور غير واضحة اليوم في أرض الواقع حيث نشاهد العكس تماما ! فهذه المصارف الإسلامية والتي تدعي بأنها تطبق الشريعة الإسلامية وتحرم التعاملات الربوية نجدها اليوم هي الأخرى تخوض بمجال يحطم الإقتصاد الوطني وكذلك هي تمنح قروضا و إعانات بفوائد توازي المصارف غير الإسلامية، والفائدة فيها تكاد تكون مشابه للمصارف الربوية! لا بل هناك فوائد أكثر ظلما وعبئا على المواطن من المصارف الأخرى! التي لا تعتمد النظام الإسلامي بالتعاملات ومنح القروض أو البيع والشراء للمواطنين.!
فلابد من الإشارة هنا إلى النظام المتبع في هذه المصارف الإسلامية ومن الأنظمة المتواجدة في التعامل هو نظام “المرابحة الإسلامية”وهو النظام المتبع في المصارف الإسلامية والصيرفات الصغيرة والمتوسطة داخل العراق.. حيث نشاهد أن أكثر المواطنين يتجه إلى هذه التعاملات بنظام المرابحة الإسلامية لكي يتمكن من شراء السلع وبيعها لتوفير المال الحلال وبناء مشروع حياتهِ.
وتعرف (المرابحة الإسلامية) وتعني “المرابحة” في اللغة هي مصدر من الربح وهو الزيادة، وفي اصطلاح الفقهاء هي بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح، أو هي بيع برأس المال وربح معلوم. وصفتها أن يذكر البائع للمشتري الثمن الذي اشتري به السلعة ويشترط عليه ربحاً ما للدينار أو الدرهم.. ولبيع المرابحة أركان هي:
1 – العاقدان.
2– الصيغة (الإيجاب والقبول).
3– المعقود عليه.
فهذا النظام تعمل به المصارف الإسلامية وكذلك شركات التحويل المالي والصيرفات الصغيرة والمتوسطة حيث تقدم لك سلعة بمبلغ معين المصرف يحدده حسب نوع السلع، ثم يزيد المصرف عليها ثمن الربح الذي يحدده هو, وبعد الإتفاق تكون ملزما بسداد الثمن المطلوب مع الربح المضاف خلال الفترة الزمنية المحددة من قبل المصرف.
ومثال على ذلك التعامل في المصارف الإسلامية داخل العراق اليوم تمنحك سيارة يكون سعرها الحقيقي في السوق (12 مليون دينار عراقي ) ، ولكن المصرف الإسلامي يبيعها لك بنظام المرابحة الإسلامية المتبع اليوم بمبلغ (20 مليون دينار عراقي ) وشرط الخلاص من دائرة الربا يقال لك إن سعر السيارة 12 مليون دينار ثم تمت إضافة 8 مليون دينار عراقي وهو قيمة المرابحة الإسلامية أصبح سعرها الكلي 20 مليون دينار هل أنت موافق؟ تقول نعم إشتريتها وبهذا تكون قد خرجت من تحت “طائلة التعامل الربوي”.! وهذا هو الأسلوب المتبع اليوم!. لكن السؤال هنا هل فعلا التعامل هذا غير ربوي وغير مضر بمصلحة المواطن؟!!
سؤال آخر
كذلك سؤال آخر لماذا بيعت السيارة بهذا الشكل ومن سوف يتحمل الخسارة أليست الخسارة الأكبر على كاهل العميل وهو المواطن المظلوم؟! تفسيرا لما يجري من وجهة نظري الشخصية أنا أقول: هذا التعامل ظالم جدا حتى وإن كان بطريقة شرعية تخرج عن إطار الربا!!
والسبب هو حجم الخسارة التي يتحملها العميل وهو المواطن البسيط!. فبعد عملية الشراء للسيارة بعشر دقائق عندما يبيعها لكي يحولها من سلعة إلى مبلغ مادي ممكن أن يعمل به مشروعه سوف يخسر بذات الوقت (10 ملايين دينار عراقي) وهو مجبور على تسديد المبلغ كاملا للمصرف (20 مليون دينار ) وهذا ظلم كبير جدا !
حيث إن السيارة سعرها الحقيقي في السوق وبنظام البيع المباشر 12 مليون دينار، وسوف يبيعها العميل بالسوق الخارجية بمبلغ 10 ملايين دينار! وذلك لإنها لا تسجل بأسم المشتري إلا عندما يسدد ثمنها بعد خمسة اعوام! والمصرف الإسلامي باعها للمقترض بنظام المرابحة بمبلغ 20 مليون دينار! من هنا يخسر المواطن 10 ملايين دينار عراقي!! أليست هناك فائدة كبيرة وقعت على المواطن؟!
خسارة كبيرة
أليس هذا المبلغ 10 ملايين دينار خسارة كبيرة على المواطن الذي تعامل مع المصرف الإسلامي؟! وبهذا الشكل سيكون هو أيضا المصرف الإسلامي من غمس المواطن الفقير بالدين الكبير الذي يعادل حجم الفائدة والربا لكن بشكل آخر يقال عنه نظام المرابحة الإسلامية!!. التي ذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء اليوم وهم غارقون بالديون ولا يعلمون من أين ممكن أن يسددوا هذه المبالغ التي ذبحهم بها المصرف الإسلامي على الطريقة الشرعية!! وأكل وشرب دماء المسلمين بحجج واهمة جعلت المواطنين البسطاء ضحايا هذه العصابات التي شرعت خسارة المواطن وهاهي اليوم تمتص قوته الشهري، وهو مجبر لكي يسدد تلك المبالغ النتنة التي جاءت بطرق ملتوية وبحجج واهمة حرمت الربا حسب قولهم وحللت الخسارة العظمى للمواطن المسكين!!. فأين الإسلام من هذه الخسائر المادية التي تقع على كاهل المسلمين؟ وهل يمكن أن يفتك المسلم هكذا بأخيه المسلم تحت غطاء الشريعة الإسلامية؟
إذا كان هذا التعامل درس من جانب واحد وهو منع الربا!! فلماذا لم يدرس من جانب آخر وهو تقليل حجم الخسارة على العميل وهو المواطن الذي تحمل الجزء الأكبر! وظل خاضعا للمصرف على مدار خمسة أعوام وهو يدفع ضعف المبلغ الحقيقي للسيارة التي إشتراها من المصرف الإسلامي فأين العدالة هنا ؟! وأين هي الحقوق ؟! وأين هو الإسلام الذي يحرم الضرر عن الآخرين والفتك بهم ؟!
وكما قال: المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ” لا ضرر ولا ضرار ” فأين نحن اليوم من هذا الحديث الشريف؟ كل هذه الخطوط تم التجاوز عليها وتم سحقها بعبارة “نحن مصرف إسلامي ونتعامل وفق الشريعة الإسلامية”!
وفي الختام أتمنى أن يعاد النظر في هذه التعاملات المصرفية الإسلامية وأن يحدد شكل التعامل وأن لا يتحمل المواطن الذنب الأكبر. لأن جميع المصارف بالعالم لا تعطي مبالغ بلا فوائد مهما كان السبب يستحيل ذلك!! ولهذا السبب علينا مراعاة المواطن وعدم السماح بقتله وإسقاطه في دوامة الديون الثقيلة التي سببت إنتحار بعض الشباب اليوم في العراق! وبسبب عدم المقدرة على تسديد المبالغ الضخمة لتلك المصارف والصيرفات!. فمن هذا الجانب يجب الحذر والإنتباه قبل ذبح المزيد من المواطنين بهذه الطريقة اللا إنسانية ولا إسلامية !.
فيجب إعادة النظر وبأسرع مايمكن في هذه القضية.
المصدر: الزمان
أنا أقوم بتحضير رسالة ماجستير حول البنوك الإسلامية في فلسطين أريد أي بحث يدرس الشروط التي تضيفها البنوك الإسلامية على العقود المختلفة .