المصارف الإسلامية بين النقد البناء وسوء النية
أثار الأنتشار السريع والواسع للصناعة المصرفية الإسلامية خاصة في السنوات الأخيرة والتي تزامنت مع الأزمة المالية العالمية التي عصفت باقتصادات العالم منذ العام 2008 وما تزال إرهاصاتها واثارها على العديد من الدول، أثار هذا التطور الحديث والهمس وأحيانا اللمز حول ضعف الكوادر العاملة في الصناعة المصرفية الإسلامية واعتمادها على الكوادر القادمة من المصارف التقليدية بنسبة كبيرة، ونستمع إلى آراء وتحليلات “الخبراء والحريصين” ومنهم من يبدي قلقه الشديد على هذه الصناعة كما يبدو لنا من وجهات نظرهم.
نقول لهم نعم يوجد ضعف ونقص في تأهيل الكوادر في بعض المواقع ويوجد كوادر قادمة من المصارف التقليدية، فهذا لن يقلقنا طالما صمام الامان للجميع هو التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية، وأولئك الفقهاء والمختصون الذين يمثلون هيئات الرقابة الشرعية وحرصهم على ان تتوافق جميع العمليات التي يؤدي
ها المصرف مع الفلسفة الاسلامية ومقاصد الشريعة كما ينص عليه فقه المعاملات المالية الإسلامية.
وليس المطلوب في كل عامل أو موظف واجبه تصريف الأعمال في المصرف الإسلامي أن يكون مختصا في الفقه حتى يتمكن من تقديم الخدمة اللازمة للعميل بجانبها الفني، ندرك تماما أن هذا الواقع فرض عليها نوعا من التحدي، الأمر الذي يتطلب وجود رأس مال بشري، يمتلك المعرفة التي تنسجم مع خصوصيتها في جانب العمل المصرفي وكذلك الضوابط الشرعية لفقه المعاملات المالية، ويتصف كذلك بامتلاك المهارات والقدرات التي تناسب طبيعة هذه المصارف؛ لا ان يكون الإقرار بهذا الواقع مناسبة لجلد الذات او الهدف منه النيل من منجزات هذه الصناعة طيلة سنوات خبرتها القصيرة جدا مقارنة مع خبرة مئات السنين التي يمتلكها النظام المصرفي التقليدي والمنافس لها.
مما لاشك فيه أن الصناعة المصرفية الإسلامية تتعرض اليوم لحملة عداء فكري ممنهجة تقودها تلك الجهات المتضررة من مستوى النجاح والانجازات التي تحققت وكذلك الاهتمام العالمي الواسع بأدواتها المالية، كما رأينا في العديد من العواصم الأوروبية في الحقبة الاخيرة، فلجأوا إلى إثارة الشكوك في أداء الصناعة المصرفية الإسلامية لتحقيق مآرب تنافسية. لهذا نأمل من كل أصحاب النوايا الطيبة والحريصة حقا على منجزات مصارفنا الإسلامية أن لا يتركوا ثغرة في كتاباتهم او في طرح افكارهم لينفذ منها المتربصون بهذه الصناعة ويمرروا شكوكهم.
اننا نؤمن بالنقد والنقد الذاتي عندما يكون بناء وهادفا يسعى للارتقاء بالعمل وجودة المنتج والمنطلق أساسا من مبدأ الحرص على تطور اداء هذه الصناعة لتتماشى مع حالة النمو والانتشار السريع الذي حققته في السنوات الاخيرة هذه، خاصة ابان وبعد الازمة الاقتصادية العالمية.
لدينا كل الإمكانات والوسائل سواء المهنية أو الفكرية لنرتقي بتجربتنا نحو الافضل ونحافظ على مكتسباتنا المحلية والعالمية، ومازلنا نسعى لكسب المزيد من الاسواق المصرفية الجديدة ضمن المنهجية الفكرية والفلسفية التي ارستها الشريعة الاسلامية، مع ذلك لابد لنا من التأكيد على ضرورة التحديث والمتابعة المستمرة لكافة الوسائل العلمية والتكنولوجية وكل ما هو جديد ومتعلق بالعمل المصرفي وتطوير ادائه وخدماته. وكذلك التدريب والتطوير المستمر لكافة العاملين في القطاع المصرفي الإسلامي، لما له من أهمية في تنمية مهارات العاملين وتطوير قدراتهم لتقديم الأفضل من الخدمات المصرفية الإسلامية وبالجودة التي تجذب المودعين. وكذلك التوجه إلى الجامعات والمراكز الأكاديمية لإعطاء المزيد من الاهتمام للتخصصات المتعلقة في المصرفية الإسلامية والمعاملات المالية الملتزمة بالشريعة الإسلامية لتعزيز ورفد هذا القطاع بكوادر تمتلك المزيد من العلم والمعرفة. والتأكيد على أهمية الدور الذي تقوم به هيئة الرقابة الشرعية من حيث اختيار اعضائها والصلاحيات المناطة بهم، على أن يكون رأيها ملزم لإدارة البنك كما هو متبع في البنك الإسلامي الأردني والذي ينص عليه النظام الداخلي للبنك.
* باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي.
[box type=”shadow” align=”aligncenter” class=”” width=””]
مقالات سابقة للكاتب:
■ الصناعة المصرفية الإسلامية والوساطة المالية.
■ الصكوك الإسلامية والسندات: الفرق في الهوية والعائد.
■ الصناديق الاستثمارية في الأردن.. أين مصارفنا الإسلامية.
■ الصناديق الاستثمارية الأخلاقية منتج إسلامي.
[/box]