السندات
السند صك قابل للتداول يمثل قرضا يُعقد عادة بواسطة الاكتتاب العام, و تصدره الحكومات و الشركات و المؤسسات. و يعتبر حامل السند دائنا للجهة المصدرة له و لا يعد شريكا فيها, حيث يتقاضى فائدة ثابتة محددة سواء ربحت الجهة المصدرة أم خسرت, فلحامل السند الحق في استرداد قيمة سنده عند حلول أجل معين.
و للسند تعريفات أخرى نذكر منها :
- هو صك يتضمن تعهدا من البنك أو الشركة و نحوهما لحامله بسداد مبلغ معين في تاريخ محدد, نظير فائدة مقدرة غالبا بسبب قرض عقدته شركة مساهمة أو هيئة حكومية أو أحد الأفراد.
- هو وثيقة بقيمة محددة يتعهد مُصدرها بدفع فائدة دورية في تاريخ محدد لحاملها.
- هو ورقة مالية تمثل قرضا ذا أجل محدد يستحق صاحبه فائدة ربوية.
- السندات صكوك متساوية القيمة تمثل ديونا في ذمة الشركة التي أصدرتها و تثبت حق حاملها فيما قدمه من مال أو إقتضاء الدين المتبَّت على الصكوك في مواعيد استحقاقها. و تكون هذه الصكوك قابلة للتداول بالطرق التجارية.
و تنفرد السندات بعدة خصائص مميزة أهمها :
- يمثل السند دينا في ذمة الجهة المصدرة لها. و حاملها يكون دائنا لتلك الجهة.
- السندات قابلة للتداول كالأسهم سواء عن طريق القيد او التسليم.
- السندات صكوك متساوية القيمة, تصدر بقيمة اسمية و لا تقبل التجزئة أمام الجهة المصدرة لها.و لحاملها حق استيفاء قيمتها الإسمية قبل أصحاب الأسهم.
- للسندات أجل لإستيفاء قيمتها. و هذا الأجل قد يكون قصيرا أو متوسطا أو طويلا.
- يعطي السند لحامله حقَّين أساسين :حق الحصول على فائدة ثابتة من جهة, و حق استرداد قيمة سنده في اجل الإستحقاق من جهة أخرى. إضافة الى تمتعه بحقوق الدائن تجاه مدينه و فق الأحكام القانونية.
تشبه السندات الأسهم في بعض الخصائص, فلكل منهما قيمة إسمية و قيمة سوقية, و كلاهما قابل للتداول. كما أن أسعارهما في السوق تتأثر تبعا لمبدأ العرض و الطلب, و المركز المالي للشركة و الأحوال السياسية. إضافة الى كونهما لا يقبلان التجزئة أمام الشركة.
و تختلف السندات عن الأسهم من عدة وجوه:
- السهم صك يمثل جزءا من رأس المال, بينما السند صك يمثل جزءا من قرض, و لا تدخل قيمته في رأس المال.
- يصدر السند بعد التأسيس لتوسيع الأعمال, عكس السهم الذي قد يصدر قبل التأسيس أو بعده.
- حامل السهم يعتبر شريكا, أما حامل السند فدائن و ليس شريكا.
- تتوفر كل شركة مساهمة على أسهم, لكن لا يلزمها أن تكون لها سندات.
- المساهم يملك حق الحضور و التصويت في الجمعية العمومية, خلافا لحامل السند.
- يتحمل المساهم المخاطر كإفلاس الشركة, أما صاحب السند فحصته مضمونة.
و للسندات أنواع كثيرة, و فيما يلي ذكر لأهم أنواع السندات بحسب طبيعتها.
أولا: من حيث مصدرها
أ- السندات الحكومية:
و هي صكوك متساوية القيمة تمثل دينا مضمونا في ذمة الحكومة, و غالبا ما تكون ذات فوائد ثابتة. و يتم طرحها للإكتتاب العام و تتداول بالطرق التجارية و تكون إما دائمة (السندات التي لا تحدد الحكومة تاريخا لسدادها) أو مستهلكة (السندات التي تحدد الحكومة أجلا لتسديد قيمتها).
و تصدر الحكومة هذه السندات لتمويل عمليات التنمية الإقتصادية أو لمواجهة عجز في الميزانية أو طارئ أخر. و يتم الإصدار عن طريق الإكتتاب العام المباشر أو بطرحها في البورصة تدريجيا, أو أن تستعين الحكومة بالبنوك لبيعها.
تتميز هذه السندات بخلوها من المخاطر و تمتعها بدرجة عالية من السيولة مع إعفائها من الضرائب. و هي تتنوع بدورها الى أنواع متعددة كسندات الدولة التي تصدر لتمويل الإنفاق العام, أو سندات الهيئات الدولية كالبنك الدولي للإنشاء و التعمير, التي تُصدرها لتمويل مشاريعها. ثم هناك سندات المؤسسات العامة الحكومية المصدرة لتمويل نفقاتها و مشاريعها وهي متنوعة حسب نوع و طبيعة المؤسسة و من أهمها :
- سندات الخزينة: و هي سندات تصدرها الحكومة لأجل قصير عن طريق الاكتتاب العام و ذلك لسد حاجات ضرورية إبان الأزمات الإقتصادية.و هذه السندات لا تتحسب عنها فائدة عادة و لكنها تباع بخصم الفائدة من قيمتها الإسمية على اساس سعر الفائدة.
- شهادات الخزينة: و هي تعهد بدفع مبلغ معين من المال اضافة الى فائدة محددة في تاريخ معين.و لا تتجاوز مدتها العام الكامل.
- شهادات الإستثمار: و هي سندات دين تصدرها البنوك لصالح الحكومة. و هي على ثلاثة أنواع:
– مجموعة أ: و هي سند مدته عشر سنوات, و لا تسترد القيمة و الفوائد إلا بعد انتهاء المدة, حيث يحصل صاحب السند على القيمة الإسمية يضاف عليها ما تراكم من فوائد بالنسبة المتفق عليها في نهاية المدة
– مجموعة ب: و هي سند دين يعطي صاحبه الفوائد المتحققة للشهادة كل سنة أو ستة أشهر حسب شروط الإصدار.و تسترد قيمة السند في نهاية المدة.
– مجموعة ج: و هي شهادات ذات جوائز تجري عليها عملية السحب الدوري بإعطاء جوائز للشهادات الفائزة إعتمادا على اليانصيب, و لا يترتب عليها فوائد ثايتة لحاملها.
ب- سندات القطاع الخاص:
و هي السندات التي تصدرها المؤسسات المالية أو الشركات المساهمة العاملة في القطاع الخاص أو الشركات التجارية و الصناعية و الخدمية, و ذلك لتمويل مشاريعها. و تكون مضمونة في الغالب. و تتميز عن السندات الحكومية بكونها تصدر بمعدلات فائدة أعلى, و لكنها أكثر تعرضا للمخاطر المترتبة عن عجز الجهات المصدرة عن الوفاء بالدين و فوائده السنوية. و تنقسم هذه السندات الى عدة أقسام حسب اعتبارات مختلفة,نذكر منها:
1- باعتبار الاستحقاق:
– سندات ذات استحقاق ثابت (سندات عادية): عبارة عن سندات ذات قيمة واحدة, و تعطى عليها فوائد ثابتة فضلا عن قيمة السند عند نهاية مدة القرض.
– السند المستحق للوفاء بعلاوة إصدار: و هو السند يصدر بقيمة إسمية معينة تكون أعلى من القيمة النقدية عند الإكتتاب, و يسمى الفرق بين القيمتين بعلاوة الإصدار. فمثلا لو كانت القيمة الإسمية 100 دولار فيدفع المكتتب 90 دولارا فقط و 10 دولار هي علاوة إصدار.
2- باعتبار الضمان:
– سندات مضمونة: عبارة عن سندات عادية تصدر بقيمة إسمية يدفعها المكتتب عند الاكتتاب, و تحسب الفوائد على أساسها, إلا أنها مصحوبة بضمان شخصي مثل كفالة الحكومة أو إحدى البنوك أو بضمان عيني. و بسبب الضمان و عدم وجود المخاطر تقريبا فإن عائد هذه السندات أقل من أي نوع اخر.
– سندات غير مضمونة: تكون غير مصحوبة بضمان, لذلك تحتاج الى عناية نسبية من المستثمر.
3- باعتبار النصيب:
– سندات النصيب: و هي سندات تصدر بقيمة إسمية و تحدد الشركة لحاملها فائدة بتاريخ استحقاق معين ,و يجري السحب عن طريق القرعة في كل عام لإخراج عدد من السندات و تدفع لأصحابها مع قيمتها مكافأة مهمة,و تجري القرعة لتعيين السندات التي تستهلك بدون فائدة, و هي من انواع اليانصيب و لا تسترد قيمة هذه السندات عند الخسارة.
– سندات النصيب بدون فائدة: و هي السندات التي يسترد حاملها رأس ماله في حالة الخسارة بخلاف سندات النصيب (ذات الفائدة).
4- باعتبار التحويل:
– السندات القابلة للتحويل: هي سندات تعطي لحاملها الحق في طلب تحويلها الى أسهم أو سندات أو كليهما. و قد تصدرها الحكومات أيضا.
– سندات غير قابلة لتحويل: سندات لا تعطي المكتتب حق التحويل, و تصدر عادة بمعدل فائدة أعلى من السندات القابلة للتحويل.
ثانيا: باعتبار الشكل
1- سندات إسمية:
و هي السندات التي تحمل إسم صاحبها و تنقل بطريق التسجيل. هذا النوع من السندات يمكن أن يكون مسجلا كاملا أي الدين الأصلي و الفائدة معا, أو مسجلا جزئيا أي أصل الدين فقط. و يتم تحصيل الفائدة عن طريق الكوبونات المرفقة.
2- سندات لحاملها:
هي السندات التي لا تحمل إسم صاحبها, و تنتقل ملكيتها عن طريق التسليم. و يتعهد محرره بدفع مبلغ معين من النقود في تاريخ معين أو بمجرد الإطلاع لمن يحمل السند.
لقد اقتصرنا على بعض الأنواع فقط, فالمؤسسات الاقتصادية أصبحت تتفنن في إصدار أنواع جديدة من السندات لجلب أصحاب الأموال لإيداع مدخراتهم.
و بالنظر الى التكييف القانوني للسندات و المتفق عليه عند الاقتصاديين, فإن السندات هي وثيقة بدَين, بالتالي يعامل مالكها كمقرض, و المتأمل يلاحظ أن هذا المقرض يأخذ في نهاية المدة أكثر مما أقرض مما يدل على أن أمر السندات التي تَصدر بفائدة أمر محرم شرعا لإندراجه تحت الربا.
و قد ذهب أغلبية العلماء المعاصرين الى عدم جواز التعامل بالسندات دون تفريق بين أنواعها, و استدلوا على ذلك بكون السند قرضا لأجَل على الجهة المصدرة بفائدة مشروطة و ثابتة, فهو من ربا النسيئة المحرم. كما أن هذا القرض هو من صور الودائع التي تستغلها البنوك في استثمارات خاصة بعد تملكها مع ضمان رد المثل و زيادة, و هذا هو القرض الإنتاجي الربوي الذي كان شائعا في الجاهلية و نزل تحريمه في الكتاب و السنة.
بالتالي لا يجوز بيع السندات و تداولها مهما كانت الجهة المصدرة لها, و لا يجوز للبنك الاسلامي أن يدخل في عملية الاكتتاب على السندات لصالح أحد و لا أن يتعاطى بيعها أو شراءها, أو أي نوع من أنواع التصرفات.
و لقد اتخذ مجلس مجمع الفقه الإسلامي بجدة في دورة مؤتمره السادس بجدة المنعقد عام 1990, و بعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المُصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق مع فائدة متفق عليها منسوبة الى القيمة الاسمية للسند أو ترتيب نفع مشروط سواء أكانت جوائز تُوزع بالقرعة أو مبلغا مقطوعا أم خصما, قرر ما يلي:
إن السندات التي تمثل التزاما بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط, محرمة شرعا من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول, لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة, و لا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكا استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية المُلتزم بها ربحا أو ريعا او عمولة أو عائدا, فالعبرة في العقود للمقاصد و المعاني, لا للألفاظ و المباني.
مقالات قد تهمك :
❖ تعريف البنوك الإسلامية
❖ المماطلة في تسديد الديون
❖ الفرق بين المصارف الإسلامية و التقليدية
❖ البنوك التشاركية في المغرب