واقع البنوك الاسلامية في موريتانيا
عرف القطاع المصرفي موريتانيا مؤخرا العديد من المستجدات و التطورات الإستراتيجية بسبب دخول لاعبين جدد و بروز ما يمكن النظر اليه كطفرة في قطاع البنوك الإسلامية.
تجلت هذه الطفرة في المؤسسات المالية الإسلامية خاصة البنوك, فقد عرف عدد المؤسسات المالية الإسلامية ارتفاعا من اثنتين فقط إلى ثماني مؤسسات في مدة لا تتجاوز الخمس سنوات، اضافة إلى العديد من النوافذ و الوكالات في معظم البنوك وشركات التأمين التقليدية. و قد مكنت هده الطفرة المؤسسات المذكورة من السيطرة على حصة مهمة من السوق
ما زالت البنوك الاسلامية في موريتانيا تعاني من عدة صعوبات قد تهدد مستقبلها. على رأس هذه صعوبات تأتي مشكلة غياب قانون ينظم عمل البنوك الاسلامية مما قد يقف حجرة عثرة في طريق تطور أداء و نتائج هذه البنوك. فإذا رجعنا الى القانون المنظم لعمل البنوك في موريتانيا نجده لم يعطي البنوك و المؤسسات الإسلامية أية خصوصية تذكر رغم تاريخها و وزنها في السوق المصرفية, حيث تبقى هذه المؤسسات التي تقدم نفسها على أنها إسلامية و تلتزم في خدماتها و معاملاتها بضوابط الشريعة الإسلامية, خاضعة للقانون المنظم للمؤسسات التقليدية غير المناسب لطبيعتها و خصوصيتها.
أما بالنسبة للمعوقات الأخرى فنوجزها في ما يلي:
- حداثة التجربة نسبيا و ضعف الخبرة بالتالي, سواء لدى أغلب العاملين في المؤسسات المصرفية الاسلامية أو المتعاملين معها، مما قد يفتح الباب في الكثير من الحالات أمام عدم الالتزام بالظوابط الإسلامية و القواعد الشرعية.
- الاشكاليات و التحديات التي يخلقها خضوع البنوك الاسلامية في موريتانيا حالها حال نظيرتها التقليدية لرقابة البنك المركزي دون مراعاة لسماتها وطبيعتها المختلفة, و لهذا فمثلا عندما تحتاج للسيولة فهي لا ترجع للبنك المركزي في ذلك بسبب أنه يفرض فائدة ربوية على القروض التي يمنحها مم يشكل تعارضا مع الشريعة الإسلامية. مما يفرض ضرورة تدخل الدولة الموريتانية لتوفير اطار قانوني يأخد بعين الاعتبار خصوصية هذه المؤسسات.
- اعتماد البنوك الاسلامية في عملياتها التمويلية على أسلوب المرابحة و المشروعات الاستثمارية قصيرة الأجل, و هذا المشكل يكاد بكون مشتركا مع العديد من الدول و ليس موريتانيا وحدها. لذلك يوصي المختصون بضرورة انفتاح البنوك الاسلامية على صيغ أخرى للتمويل كالمضاربة والمشاركة مع منح الأفضلية للمشروعات طويلة الأجل.
- غياب أو ضعف الرقابة الشرعية التفصيلية لعمل هذه البنوك بسبب غياب الإطار القانوني المنظم. فمن الملاحظ أن اغلب هذه البنوك لا تعير لهذا الموضوع اهتماما كافيا, حيث درجت البنوك الاسلامية في موريتانيا على اللجوء إلى مشايخ أو شخصيات علمية للحصول على فتوى بخصوص شرعية معاملاتها المصرفية,دون أن تكون ملزمة بمتابعة حقيقية لتنفيذ مضمون هذه الفتوى في الواقع العملي.
- يضاف كذلك الى المشاكل العديدة التي تعاني منها البنوك الاسلامية في موريتانيا، غياب سوق مالي إسلامي وما يعرفه القطاع من منافسة كبيرة من طرف المؤسسات المالية التقليدية,هذا دون نسيان موضوع غياب الشفافية.
ان استمرار هذه الوضعية سينعكس لا محالة بالسلب على قطاع البنوك الاسلامية في موريتانيا,مما يفرض تضافر جهود مختلف الفاعلين في القطاع لوضع حلول عملية للمشاكل السابقة و ذلك قبل فوات الأوان.فالسلطات الموريتانية ملزمة بالتحرك العاجل لوضع الإطار القانوني الخاص بالموسسات المالية الاسلامية,اضافة الى قيام البنك المركزي بوضع آليات للرقابة الشرعية لكسب ثقة المتعاملين.و لا ننسى هنا المسئولية الملقاة على عاتق القائمين على هذه المؤسسات من حيث دورهم في إقامة هيئات شرعية فعالة تكون قادرة على القيام بدورها الرقابي باستقلالية وبكل مهنية,مع الاحترام الكامل للمناهج والنظم المعمول بها في هذا المجال.