ما هو الفرق بين البنوك الإسلامية و البنوك التقليدية؟
إن وجود المصارف الإسلامية وخدماتها و الحلول التي تقدمها, يعتبر اليوم من أهم ما يبرز ربانية الإسلام وصلاحيته لكل زمان خاصة في النواحي الاقتصادية. وقد توجهت أنظار الاقتصاديين لاسيما بعد الأزمة العالمية, إلى أهمية النظام المصرفي الإسلامي, حيث تجري حاليا دراسات جدية لتبنيه في النظام المصرفي لعدة دول عالمية. ومن الواضح أنه رغم ما سبق ذكره, لا تزال البنوك الإسلامية تتعرض للعديد من هجمات التشكيك والطعن التي تساوي بينها وبين البنوك التقليدية.
لا يخفى أن البنوك التقليدية مبنية على نظام الفائدة الربوي المحرم ، و الذي يقوم على أساس الإقراض و الاقتراض بالربا، فالبنك يقرض العميل بالفائدة، كما أن العميل الذي يودع ماله في البنك, يُقرض الأخير هذا المال مقابل الفائدة . و الإقراض بفائدة هو الربا المجمع على تحريمه بنص الكتاب والسنة و إجماع الأمة، قال تعالى في سورة البقرة: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ». وجاء في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال:” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكِله، وكاتِبه، وشاهديهِ، وقال: هم سواء”. بينما البنوك و المصارف الإسلامية تعتمد على المعاملات المباحة من البيع و الشراء والمضاربة والشركة وغير ذلك من صور الاستثمار المشروع للمال، إضافة إلى الأجور على الحوالات، و الاستفادة من أسعار الصرف وتبادل العملات .
يظهر كذلك الفرق بين المصارف الإسلامية و التقليدية, في أن الفوائد الربوية في هذه الأخيرة ليست ثابتة, بل تزيد كلما تأخرت العميل في الدفع، بينما أرباح البنوك الإسلامية ثابتة و معروفة لدى المشتري عند التعاقد، فلو تأخر عن السداد فليس للبنك الاسلامي أن يزيد عليه في الربح، لأن عقد الشراء الشرعي لا يجيز له ذلك بعد العقد.
أما العقد الربوي فيجيز للبنوك التقليدية أن تأخذ أكثر من الرقم المتفق عليه عند تأخر المدين عن السداد، فالبنوك الربوية لا تهتم بالأخلاقيات في معاملاتها إذا ما تعارضت مع غرضها الأساسي المتمثل في تحقيق أقصى ربحية ممكنة. فإذا تأخر المدين عن سداد القرض في ميعاده المحدد على سبيل المثال, يقوم البنك التقليدي بمقاضاته، وتحميله فوائد التأخير، و يصل الأمر الى درجة حبس المدين المعسر، و إعلان إفلاسه مع الحجز على كل ممتلكاته دون مراعاة لظروفه.
بالاضافة الى ما سبق, تقوم معاملات المصارف الاسلامية على اساس مبدأ المشاركة في الربح والخسارة الذي أقرته الشريعة الاسلامية, حيث لا تعتمد على الفرق بين الفائدتين الدائنة و المدينة كمصدر أساسي لتحقيق الربح, كما هو الحال في المصارف التقليدية. وهي بذلك أي الأبناك الإسلامية, تعمل بصفتها وسيطا استثماريا على أساس المضاربة. كما أن دورها لاينحصر دورها في الوساطة المالية مثل المصارف التقليدية, فالمصارف الاسلامية تستقبل اموال المودعين على أساس صيغة المضاربة من خلال حسابات الاستثمار, ثم تقوم هذه المصارف باستثمار تلك الاموال المتوفرة من خلال وسائل و صيغ شرعية متنوعة.
و من المهم التركيز على أن أبرز ما يميز المصارف الإسلامية عن غيرها، هو خضوعها الى رقابة شرعية تقوم بمراقبة تطبيق الضوابط الشرعية على العمليات المصرفية بناءا على العقود التي أجازها الفقهاء كالبيع و الإجارة والاستصناع، والمضاربة والعقود المنتهية بالتمليك وغيرها. حيث تلتزم الأبناك الاسلامية بتكوين هيئات شرعية مستقلة يشرف عليها نخبة من العلماء, و تُعرض عليها جميع عمليات و أنشطة البنك للتأكد من سلامتها وتوافقها مع أحكام و مبادئ الشريعة الاسلامية.
فرق جوهري أخر لابد من ذكره, هو قيام المصرف الإسلامي على أساس التوازن بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية و الربحية بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر, بينما يقوم البنك التقليدي على غاية ربحية بالأساس. فمن أهم المقاصد الأساسية للبنك الاسلامي, المساهمة في تحقيق التنمية الاجتماعية للمجتمع الإسلامي، و يتجلى ذلك في الخدمات الاجتماعية التي يقدمها المصرف كخدمة القرض الحسن, وصرف جزء من حصيلة صندوق الزكاة على الأسر المعوزة، وطلبة العلم, و الجمعيات الخيرية, و كذلك المساهمة في بناء المساجد، و تحفيظ القرآن… ، كما تخصص البنوك الإسلامية جزءا من الأموال لإستثمارها في مشروعات إجتماعية ذات منفعة عامة.
و يلاحظ أن هذه الميزة الاجتماعية تكاد تكون منعدمة في البنوك التقليدية، فهي لا تمنح فروضا حسنة، ولا تقوم بمشروعات استثمارية لخدمة الطبقة الفقيرة من المجتمع.
تركز المصارف الإسلامية كذلك على ضبط وترشيد نفقاتها, في حين تتعامل البنوك الربوية بالربا ويؤدي هذا إلى تضخيم التكاليف وارتفاع الأسعار. فباعتبار البنوك الإسلامية ومؤسساتها الاقتصادية المختلفة, تقوم على قاعدة استبعاد الفائدة في كل معاملاتها، وبالتالي لا تعتبرها من عناصر التكاليف التي يتحملها المستهلك في النهاية، فهذا يؤدي إلى عدم تضخم التكاليف، و واقعية الأرباح بما يؤدي إلى تحقيق رواج اقتصادي.
و عكس ذلك تماما, تُقرض البنوك التقليدية المؤسسات الاقتصادية بفائدة، و التي تضيفها على تكاليف الإنتاج، مما يؤدي إلى انكماش الأرباح و ارتفاع الأسعار، و هذا ينتهي إما إلى تضخم نقدي، أو انكماش اقتصادي.
و في سياق المقارنة دائما بين البنك الإسلامي و البنك التقليدي, يجوز للأول ممارسة التجارة و الصناعة و التملك, وشراء العقارات, والتعامل في أسهم الشركات التجارية بالضوابط الشرعية. بينما يحظر على البنك التقليدي ممارسة التجارة أو الصناعة, و شراء عقارات غير التي يحتاج إليها لممارسة أعماله.
و يجوز للبنك التقليدي أن يشتري لحسابه الخاص أسهم الشركات التجارية الأخرى في حدود نسبة محددة من أمواله الخاصة أو بناءا على موافقة مسبقة من البنك المركزي.
يشار الى أنه رغم الفرق بين البنوك الإسلامية و البنوك التقليدية, فإنها تشترك أيضا في عدة أمور, حيث تقدم هذه البنوك – الاسلامية و التقليدية- مجموعة من الخدمات المصرفية, باعتبار أن تلك الخدمات لاتتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية, و نذكر منها:
– اصدار الشيكات المصرفية.
– فتح الحسابات الجارية القائمة على أساس القرض, حيث تقوم الأبناك بدفع ما يطلب منها من مبالغ نقدية في حدود أرصدة تلك الحسابات الى اصحابها دون زيادة.
– التحويلات النقدية.
– تأجير الخزائن الحديدية.
– تحصيل الاوراق التجارية.
– فتح الاعتمادات المستندية.
– بيع العملات على أساس القبض الفوري عند إبرام المعاملة.
– تقديم الخدمات المصرفية الالكترونية.
[box type=”shadow” align=”alignright” class=”” width=””]مقالات يمكن أن تهمكم:
■ الفرق بين البنوك الاسلامية و التقليدية.
■ بعض أوجه المقارنة بين المصارف الإسلامية والتقليدية.
■ الفرق بين إدارة المخاطر في البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية. [/box]
جيدا