قطر تغلق صفحة الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية
وصلت صفحة الفروع الإسلامية في البنوك التقليدية صفحة الى نهايتها، بعد أن تم إغلاق جميع الحسابات المصرفية التي لديها التزامات تتمثل في تمويلات حصل عليها أصحابها قبل قرار المركزي إغلاق هذه الفروع مباشرة مع بداية عام 2011.
وكانت هذه البنوك قد استمرت في إدارة ما تبقى من هذه الموجودات الإسلامية في محفظة خاصة تظهر في المركز المالي للبنك و منفصلة تماما عنه، حيث تم إغلاق هذه المحفظة بعد انتهاء كافة المعاملات المالية و العقود التمويلية لأصحابها سواء تمويلات عقارية في عقود تمتد إلى أكثر من أربع سنوات أو تمويلات لشركات وفقا للصيغ الإسلامية المتعارف عليها، أو تمويلات السيارات أو التمويلات الشخصية.
و بلغ عدد الحسابات المصرفية التي أغلقت تماما حوالي 100 ألف حساب منذ قرار المركزي أول عام 2011، و بلغت قيمة المحفظة التمويلية للفروع الإسلامية حوالي 50 مليار ريال.
و كانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمي قد أصدرت تقريرا كشفت فيه أن بنك قطر الوطني كان يستحوذ على حصة سوقية تبلغ 20% من أصول البنوك الإسلامية. وأن الدخل التشغيلي من المعاملات المصرفية الإسلامية في بنك الدوحة وصل إلى 9% من إجمالي الدخل.. كما قدرت مساهمتها في أرباح البنك التجاري بنسبة أقل من 4%، و شكلت الودائع الإسلامية نحو 16% من إجمالي ودائع بنك قطر الوطني وحوالي 10% للتجاري وحوالي 7% لبنك الدوحة، كما شكلت الأصول الإسلامية من إجمالي أصول بنك قطر الوطني 15% وحوالي 7% للتجاري و8% لبنك الدوحة.
و تضم قائمة البنوك التقليدية التي أغلقت حسابات فروعها الإسلامية كلا من بنك قطر الوطني – QNB – و بنك الدوحة و بنك إتش.إس.بي.سي و البنك التجاري و البنك الأهلي و بنك قطر الدولي الذي باع محفظته الإسلامية – اليسر – إلى بنك بروة.
و أكد الدكتور ر. سيتارامان الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة, على أن البنك لم يتأثر بقرار إغلاق الفروع الإسلامية بفضل السياسة التي اتبعها، حيث تم إدارة هذه الحسابات حتى تم الانتهاء من إغلاقها بالكامل وفقا لضوابط مصرف قطر المركزي وبدون أي مشاكل تذكر مضيفا أن الأنشطة الإسلامية كانت تمثل 10 في المائة من أنشطة البنك و بالتالي تأثيرها محدود جدا في ظل ارتفاع أعداد عملاء البنك وزيادة أنشطته و عملياته التوسعية في الداخل و الخارج.
من جهته إعتبر الخبير المصرفي, عبد الرحمن المير, أن تجربة الفروع الإسلامية كانت مفيدة للبنوك التقليدية في ما يخص كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات, مما أضاف تجربة مصرفية أخرى إلى هذه البنوك التي نجحت في التعامل مع قرار المركزي إغلاق الفروع الإسلامية بنجاح كبير.
و يوضح المير أن نشاط الفروع الإسلامية في البنوك التقليدية كان يتراوح بين 10% إلى 15%، وتمكنت البنوك من الحد من تأثيرات القرار من خلال التطوير والتنوع في الخدمات والمنتجات المصرفية التي تطرحها في السوق، إضافة إلى أن عددا من البنوك اتجه إلى الاستثمار في الخارج من خلال فرص جيدة حققت له إيرادات واضحة ضمن الميزانية.
و يؤكد أن قرار المركزي حقق التوازن والاستقرار في الجهاز المصرفي من خلال الفصل التام بين النشاط المصرفي التقليدي والنشاط المصرفي الإسلامي، حيث كان هذا الفصل مطلوبا و ضروريا لتحقيق المساواة بين البنوك، حتى تكون قادرة على المنافسة في نفس القطاع ومجال العمل.
و يؤكد المير أن البنوك الإسلامية كانت المستفيد الأكبر من القرار حيث تم تحويل حوالي 90% من الحسابات إليها، لأن عميل الفروع الإسلامية يتجه مباشرة إلى البنك الإسلامي.
و يشير الخبير المالي والمحاسبي إبراهيم الحاج عيد الى أن السوق المصرفية تتسم حاليا بالتوازن والاستقرار والمنافسة بين البنوك، والتي تصب في النهاية لصالح العميل.. ويضيف أن قوة الجهاز المصرفي القطري ساعدت البنوك التقليدية في التغلب علي أي آثار سلبية لقرار إغلاق الفروع الإسلامية، فقد انتهى الجهاز المصرفي من هذه الصفحة تماما، وتم إنهاء التعاملات على محفظة التمويل التي قدرت قيمتها بحوالي 50 مليار ريال.
و كان بنك قطر المركزي قد أكد أن ظهور الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية هي ظاهرة حديثة أدت إلى الخلط بين نوعين متباينين من الموجودات و المطلوبات في البنك الواحد و هو ما أدى إلى تعقيد عملية إدارة المخاطر في هذه البنوك.
و أضاف البنك المركزي أن هذه المخاطر تتمثل بشكل أساسي في عدة نقاط أولاها المخاطر المصرفية حيث إن التمويل الإسلامي يتميز بمخاطر أكثر تشعبا وتعقيدا من التمويل التقليدي خاصة فيما يتعلق بمخاطر العائد والسيولة والائتمان والسوق ولاسيَّما عمليات التمويل بالمضاربة والمشاركة والاستصناع والإجارة.
موضحا أن ما يزيد هذه الأمور تعقيدا أن يتم تمويل جزء كبير من هذه الأنشطة من ودائع العملاء التقليدية ذات العائد الثابت و التي لا تعتمد على توزيع الأرباح كما في الودائع الإسلامية, و كذلك أن يتم الجمع بين هذين النوعين من المخاطر في مركز مالي واحد للبنك مما يعقد من الأدوات الرقابية والنسب والمؤشرات الاحترازية المستخدمة لإدارة المخاطر مما يحول دون المحافظة على حقوق كل نوع من المودعين.
و قال إن البنوك التقليدية تمتع بميزة الجمع بين الأنشطة المصرفية التقليدية و الإسلامية مما يخل بالتنافس الحر بين البنوك الإسلامية و التقليدية, كما يخل بقواعد الشفافية و الإفصاح الموضوعي مما يشكل تحديا صعبا للبنوك الإسلامية في المحافظة على استقرارها ومعدلات نموها وهو ما ينعكس سلبا على استقرار النظام ككل.
و ذكر بنك قطر المركزي أن هذا الفصل بين هذين النوعين من الصيرفة يفتح آفاقا جديدة أمام السياسة النقدية لاستحداث أدوات جديدة تستهدف كل نوع من الصيرفة على حدة وفقا لحجمه ووزنه النسبي في السوق المصرفية و درجة تأثيره في عرض النقد مما يجعل تأثير أدوات السياسة النقدية على أهدافها التشغيلية و الوسيطة و النهاية أسرع و أكثر كفاءة و فعالية.