قانون البنوك الإسلامية الإماراتي و ضرورات التطوير
في العام 1985 أصدر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان القانون الاتحادي رقم 6 بشأن المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية، والذي جاء في عشر مواد موضوعية وإجرائية، ولما يكن في ذلك التاريخ سوى بنك دبي الإسلامي رائد العمل المصرفي الإسلامي في العالم.
واليوم و نحن على مشارف العام 2015 ما أحوجنا إلى مراجعة كثير من التشريعات و منها القانون المذكور، فالإمارات اليوم ليست الإمارات الأمس, والعمل المصرفي في تطور دائم مستمر، والمصرفية الإسلامية فيما أصبحت ذات شأن ومكانة، فقد ارتفع عدد البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية من واحدة عام 1985 إلى سبعة مصارف وأكثر من خمس عشرة نافذة إسلامية وشركة تمويل .
واليوم, وبعد مضي ما يقارب الثلاثة عقود على إصدار القانون، وبعد اتضاح صورة النشاط المصرفي الإسلامي ورسوخه، وبعد أن تقدمت الإمارات عموما ودبي خصوصا لتتربع على سدة الاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية، كان من الواجب على المشرع أن يواكب بجهده وفكره مقتضيات التطور لضمان مزيد من الارتقاء، ومزيد من التنظيم والأمان لهذا النشاط الاقتصادي الحيوي الرائد .
ومن هذا المنطلق، فإن الكاتب وهو يخاطب الوعي الاقتصادي والتشريعي عند المهتمين والمشتغلين بهذا القطاع المهم ليدعو إلى إعادة بناء قانون جديد للمصارف وشركات التمويل والاستثمار الإسلامية يتلافى فيه ما ظهر خلال التجربة من مواطن ضعف وقصور، ويعزز نقاط القوة لا لشيء إلا بقصد تعزيز الإنجاز وترشيده، وهذه المبادرة تحتاج من المصرف المركزي ومبادرة دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي من خلال مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي إلى تضافر الجهود وتكوين فريق متخصص يحوي عديدا من القانونيين والشرعيين والمصرفيين يبدأ مشوار عمله بحوار شامل مع أركان هذا القطاع يستجلب منهم حاجاته وتطلعاته، ويسعى بعد ذلك إلى دراسة التجارب الأخرى ما كان منها رائداً وما أخفق، مع دراسة متأنية لتجربة الإمارات عبر العقود الماضية .
مبادرة تقدم ثمرة جهدها وما عملت عليه للجهات التشريعية، ومشروع يصل بنا في نهايته إلى تطوير وإنجاز قانون للمصارف الإسلامية يليق بالريادة التي تتمتع بها الإمارات ويحمي التجربة ويدفعها نحو المزيد .
ولعل ما سبق يحتاج منا إلى توصية ببعض النصوص تحسن وتجود المحتوى الفني للقانون وتدفعه إلى الشمولية والإتقان وهي ضرورة في صياغة القانون الجديد وهي:
- النص على تعريف البنك الإسلامي بشكل واضح دقيق منضبط، وبيان أهدافه والأنشطة التي يجوز له مباشرتها وممارستها .
- النص على جواز ممارسة المصارف التقليدية للأنشطة المصرفية الإسلامية من خلال شركات تابعة لها وبكيان قانوني ومالي وإداري مستقل، مع منع الترخيص للنوافذ الإسلامية .
- النص على أن الحسابات المتبادلة بين البنوك الإسلامية والبنك المركزي تتم وفق القواعد والأوضاع التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية .
- النص على تشكيل هيئة شرعية مركزية، – كما هو النص في القانون الحالي- مع ضرورة تفعيلها وبيان أسس تكوينها وشروط أعضائها وحدود صلاحياتها وتبعيتها .
- النص على استقلالية الهيئات الشرعية لكل بنك، مع بيان تشكيلها وشروط عضويتها وحدود صلاحياتها، مع التأكيد على ضرورة الفصل بين عضوية الهيئات الشرعية وعدم جمع العضويات في أكثر من ثلاثة منها .
- النص على تكوين وإنشاء ما يعرف بالتدقيق الشرعي الخارجي أسوة بما هو معمول به من التدقيق الخارجي يتبع في نشاطه الهيئة العامة – الجمعية العمومية – للبنك .
- النص على تأسيس هيئة مهنية للمراقبين والمدققين الشرعيين تخضع لرقابة المصرف المركزي، تنظم شؤون مهنتهم وتضبطها وفقاً لقواعد حوكمة الرقابة الشرعية، وتسهم في تطوير المصرفية الإسلامية .
- النص على أن يكون المصرف المركزي هو المسعف الأخير للبنوك الإسلامية في الحالات الاضطرارية وباستخدام الأدوات التمويلية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية .
- النص على الرقابة على البنوك الإسلامية وبما يراعي خصوصيتها، من حيث الأدوات التي تستخدمها وتتفرد بها عن البنوك التقليدية .
- النص على تكوين حساب مخاطر الاستثمار مع بيان موارده وأوجه الصرف منه و مآله عند التصفية .
- النص على أحكام تصفية البنوك الإسلامية من حيث حالاته وكيفيته، و بيان كيفية التصفية لحقوق المساهمين فيها .
- النص على ما يتعلق بعمليات التحول من المصرفية التقليدية إلى المصرفية الإسلامية، مع بيان ضوابطها وحدودها الزمنية وبيان ما يوفر الحماية للمودعين والمتمولين خلالها .
- النص على اعتبار المصرف مفوضا من مساهميه باحتساب الزكاة و دفعها، وكذلك احتسابها بالنسبة للمودعين .
- النص على إجراءات تشجيعية للمصارف وشركات التمويل والاستثمار الإسلامية في حال اندماجها و بما يكفل تكوين كيانات اقتصادية قادرة على المنافسة والاستمرار .
- النص على تطبيق التحكيم لحل النزاعات بين البنوك الإسلامية فيما بينها، وفيما بينها وبين عملائها واعتباره الخيار الأول قبل القضاء النظامي لفض النزاعات المصرفية.
وبعد، فهذه جملة من المقترحات بين يدي من سيحمل مبادرة المراجعة للقانون، راجيا الله أن تكون ثمرة هذا الجهد في منفعة العمل المصرفي الإسلامي في الإمارات، وأن يكلل كل جهد في تطوير التشريعات والأدوات المصرفية الإسلامية بالتوفيق والنجاح، فقانون البنوك الإسلامية ركيزة أساسية في تحفيز هذا القطاع ونموه في عالم يشهد قفزات نوعية باتجاهه نحو الاقتصاد الإسلامي عموما ونحو المصرفية الإسلامية بالخصوص.
alkhaleej