صناديق الاستثمار الاسلامية
تعد صناديق الإستثمار إحدى أهم الآليات الاستثمارية الرائجة في الأسواق المالية الدولية باعتبارها أدوات مالية و أوعية استثمارية جديدة لها تأثيرها في جذب المدخرات و تشجيع الإستثمار. و مع إتجاه كثير من المؤسسات المالية الى تأسيس صناديق إستثمارية متنوعة, فقد قامت بعض البنوك الإسلامية بإدخال هذه الصناديق ضمن نشاطها الإستثماري و تطوير أعمالها بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
دفعت المزايا التي توفرها الصناديق الإستثمارية الى تزايد إقبال أصحاب الأموال و المدخرين على إستثمار أموالهم في هذه الصناديق, مما أدى الى نموها و انتشارها في الوقت الحالي, و من ثم إكتسبت أهمية كبيرة على الصعيدين المحلي و العالمي.
صناديق الإستثمار عبارة عن كيانات مالية تعمل على تجميع مدخرات الراغبين في الإستثمار في الأوراق المالية في وعاء واحد و استثمارها في شراء و بيع الأوراق المالية المختلفة, حيث تقوم خبرات متخصصة في مجال إدارة و تنظيم محافظ الإستثمارات بشراء و بيع الأوراق المالية لتحقيق أهداف الصندوق.
و من الناحية القانونية تعرف صناديق الإستثمار بأنها إحدى أشكال شركات المساهمة ذات الوضع الخاص. و التي تهدف الى تجميع المدخرات و استثمارها بصفة رئيسية في شراء و بيع الأوراق المالية نيابة عن أصحابها, لتحقيق عائد أكبر مما تحققه أوجه الإستثمار الأخرى مع تخفيض عنصر المخاطرة.
تهدف صناديق الإستثمار الإسلامية إلى تجميع أموال المدخرين بغرض إستثمارها في الأوجه و المجالات التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية للحصول على ربح حلال. و لا يقتصر نشاط صناديق الإستثمار الاسلامية التي تنشؤها البنوك و المؤسسات المالية الاسلامية على دور الوسيط بين المدخرين و الشركات الأخرى, أو الإستثمار غير المباشر المتمثل في تكوين محافظ للأوراق المالية, كما هو الحال بالنسبة لصناديق الإستثمار التي تنشؤها شركات الإستثمار و البنوك التجارية التقليدية , و إنما يشتمل الهيكل التمويلي لهذه الصناديق على تكوين محافظ الاوراق المالية و إدارتها وفق ضوابط الإستثمار الإسلامي و على الدخول في عمليات استثمارية مباشرة في مجالات مختلفة من قطاعات النشاط الإقتصادي.
يمكن النظر أيضا الى صناديق الاستثمار الاسلامية باعتبارها عقد شركة مضاربة بين إدارة الصندوق التي تقوم بالعمل فقط و بين المكتتبين فيه, حيث يمثل المكتتبون في مجموعهم رب المال, فيدفعون مبالغ نقدية معينة الى إدارة الصندوق التي تمثل دور المضارب. فتقوم بتجميع حصيلة الإكتتاب التي تمثل دور رأس مال المضاربة, و تعطي للمكتبين صكوكا معينة تمثل لكل منهم حصة شائعة في رأس المال الذي تقوم الإدارة باستثماره عن طريق صيغ الإستثمار الشرعية المختلفة. و توزع الأرباح المحققة حسب نشرة الإكتتاب الملتزم بها من كلا الطرفين, و إن حدثت خسارة تقع على المكتتبين بصفتهم أصحاب المال مالم تُفرط إدارة الصندوق, فإن فرطت يقع الغرم عليها.
و يثقسم رأس مال الصندوق الى وحدات تمثل حصصا شائعة في رأس المال, و ذلك ليتلائم وضع المضاربة مع تعدد رب المال فيها. و تتحدد ملكية كل مشارك بحسب الحصة المملوكة له على الشياع.
و يجوز مساهمة الجهة المنشئة للصندوق أو الإصدار في رأس مال الصندوق. و يكون استحقاقها نصيب من الربح بصفتها مضاربا و نصيبا آخر بمقدار مساهمتها في رأس المال. و الأصل في هذه المساهمة من الجهة أو من المشاركين أن تكون بالنقود, و ليس ثمة ما يمنع من تقديم مساهمة عينية على أن تحدد قيمتها.
و تقوم العلاقة التعاقدية في صناديق الإستثمار الإسلامية على أساس عقد المضاربة الشرعية, كما سبقت الإشارة الى ذلك. و يعتبر دور المؤسسة المالية المصدرة لصكوك المضاربة الخاصة بهذه الصناديق دورا مقيدا بالشروط المنصوص عليها في نشرة الإصدار, فهي تقوم باستثمار حصيلة الأموال المتجمعة لديها في أوجه التوظيف المختلفة ضمن النشاط الإقتصادي المحدد و المتفق عليه ضمن هذه النشرة. و يمر النشاط الإقتصادي في صناديق الاستثمار الاسلامية بالمراحل التالية :
- تقوم المؤسسة المالية الإسلامية الراغبة في إنشاء صناديق الإستثمار الاسلامية بالبحث عن مشروعات إقتصادية معينة أو نشاط معين, و إعداد دراسة للجدوى الإقتصادية للإستثمار فيها.
- قيام المؤسسة المالية بتكوين صندوق استثماري و تحديد أغراضه, و إعداد نشرة الإصدار التي تتضمن كافة التفاصيل عن نشاط الصندوق و مدته, و شروط الإستثمار فيه, و حقوق و التزامات مختلف الأطراف المشاركة فيه.
- يتم تقسيم رأس مال الصندوق الإستثماري إلى صكوك مضاربة (وحدات) متساوية القيمة الإسمية و طرحها للجمهور للإكتتاب فيها. و يعتبر كل مكتتب في هذه الصكوك شريكا بحصة شائعة في رأس مال الصندوق بنسبة الحصص التي يمتلكها في رأس المال. و تصدر هذه الصكوك عادة اسمية و ليست لحاملها, و يجوز تداولها و التصرف فيها حسب التصرفات المقررة شرعا للمالك.
- بعد تلقي الجهة المصدرة للصندوق أموال المكتتبين ، تقوم باستثمار الأموال المجمعة لديها في المجالات المحددة في نشرة الاكتتاب وتوزيع الأرباح في الفترات وبالكيفية المتفق عليها ، كما تتولى تصفية الصندوق في الموعد المحدد لذلك.
و يمثل صك الوحدة الإستثمارية ملكية حصة شائعة في الصندوق و تستمر هذه الملكية طيلة مدتها و يترتب عليها جميع الحقوق و التصرفات المقررة شرعا للمالك في ملكه من بيع و هبة و غيرها. و يحق للمشارك التصرف في الوحدة بالبيع, لكن عليه إخطار مدير الصندوق. و له شرعا أن يبيع بالقيمة المتراضي عليها بينه و بين المشتري سواء كانت مماثلة للقيمة الإسمية أو السوقية أو أكثر أو أقل.
بالنسبة لمصروفات تأسيس الصندوق من رسوم الترخيص و أتعاب التخطيط و تنظيم و هيكلة, و أية مصروفات أخرى, فإنها تُحمل على حساب الصندوق. فهي إما أن يطالب بها المشاركون عند الإكتتاب أو أن تخصم من صافي الأرباح التي تستحق بعد ذلك و قبل التوزيع, فيتحمل أثرها كل من المضارب و أرباب المال .
و كما هو معلوم فإن غالبية صناديق الاستثمار الاسلامية تدار على أساس عقد المضاربة الشرعية, حيث تقوم الجهة المنشئة لهذه الصناديق و المصدرة لوحداتها بدور المضارب, و تتولى جمع رأس مال المضاربة من حصيلة الإكتتاب في الوحدات الإستثمارية المطروحة حسب الشروط المبينة في نشرة الإكتتاب. أما المكتتبون في رأس مال الصندوق فيمثلون في مجموعهم رب المال . و هناك عدد من الملاحظات على الصيغة التعاقدية لهذه الصناديق نوضحها فيما يلي :
- أن المضاربة في إدارة هذه الصناديق هي المضاربة المقيدة, حيث تشتمل نشرة الإصدار على الشروط و القيود التي تحدد مسار الإستثمار من حيث مجاله و كيفيته, و ليس لرب المال سوى القبول أو الرفض. و تنعقد المضاربة بإلإيجاب و القبول مثل بقية العقود, لكن صورة الإيجاب هنا هي الإكتتاب في الصندوق أو الإصدار, و القبول هو موافقة الجهة المصدرة أو المنشئة للصندوق .
- أن رأس مال هذه الصناديق يقسم الى صكوك مضاربة (وحدات) متساوية القيمة, يمثل كل منها حصة شائعة في رأس المال.
- قد يقوم المضارب في هذه الصناديق بتقديم جزء من رأس مال المضاربة و ذلك حسب الشروط المنصوص عليها في نشرة الإصدار, كما تقوم إدارة الصندوق بإعادة شراء صكوك المضاربة من المكتتبين إذا أرادوا التخلص منها. و بالتالي يصبح المضارب شريكا في رأس المال بقدر مساهمته فيه و بقدر امتلاكه من هذه الصكوك . و لا مانع في ذلك من الناحية الشرعية, حيث تجمع هذه الصورة بين الشركة و المضاربة, و يستحق المضارب نصيبا من الأرباح المحددة له بصفته مضاربا .
- يجوز المشاركة بالأعيان في رأس مال الصناديق الإستثمارية الاسلامية, فالأصل في هذه المساهمات من الجهة المصدرة أو المشاركين في الصندوق أن تكون نقدية, لكن ليس هناك ما يمنع من تقديم مساهمات عينية لا سيما من الجهة المنشئة للصندوق شريطة ان يتم تقويمها بالنقود لتحديد القيمة التي تعاد للمشارك عند إنتهاء المضاربة مع ما يتحقق من ربح أو بعد خصم الخسارة .
و في ما يخص العلاقات التعاقدية بين أطراف الصناديق الاستثمارية فهي كالتالي:
1- المدير/ حملة الأسهم: يتمتع الصندوق بشخصية اعتبارية ذات مسؤولية محدودة، فيها نوعين من حملة الأسهم، منهم الأفراد الذين يحملون أسهماً ذات قيمة اسمية متدنية (دولار واحد مثلا)، والمستثمرون الذين يحصلون على أرباح الصندوق ويتحملون خسائره. تمثل مساهمات حملة الأسهم من النوع الأول رأسمال الصندوق فهم الذين يوقعون عقد الإدارة مع أحد الأفراد أو المؤسسات المتخصصة في مجال نشاط الصندوق، فعلاقة مدير الصندوق محصورة مع الصندوق ذاته أي حملة الأسهم من النوع الأول، والمدير هو بمثابة أجير للصندوق يحصل على أجرة مقطوعة لقاء الإدارة.
2- الصندوق / المستثمرون: المستثمرون مساهمون في الصندوق لكنهم لا يباشرون إدارته, بل يُسندون ذلك لمجلس إدارة الصندوق الذي يتكون من حملة الأسهم من النوع الأول, وهم بدورهم يُسندون ذلك إلى أحد المصارف. فالصندوق وكيل عن المستثمرين ويحصل مقابل وكالته على نسبة مئوية من صافي موجودات الصندوق فهي وكالة بأجر. إلا أن ذلك الأجر لا يكون معلوما عند مباشرة العمل بل عند انتهائه.
3- الصندوق / الأمين: لكل صندوق أمين يحفظ وثائقه ويدير أمواله و يباشر عمليات البيع فيه والشراء، وتودع لديه الفوائض من الأموال والسيولة الي تتحقق من العمليات. والأمين غالبا هو أحد المصارف الكبرى المتخصصة في هذه المسألة وقد يربطه بالصندوق حساب جاري لتغطية السيولة قصيرة الأجل.
يحصل المدير في كل أنواع الصناديق على عائد مقابل إدارته، تصمم بطريقة تولد حوافز لديه لتحقيق نمو الصندوق بما يفيد جميع المشاركين ويعتمد حسابها على ما يسمى بالقيمة الصافية لأصول الصندوق. يقوم المدير بحساب القيمة الصافية بشكل دوري يوم التسعير, ويقتطع أجره بالنسبة المتفق عليها. ويراوح أجور الإدارة غالبا بين 1% إلى 5% من القيمة الصافية.
فإذا كان المدير وكيلا عن المستثمرين فهي وكالة بأجر فلزم أن يكون الأجر معلوما لصحة الوكالة لأن حكمها حكم عقود المعاوضات الأخرى. ولذلك يجب أن يكون الأجر معلوما مقدما وليس في نهاية الفترة، وإن كان على أساس المضاربة فللمدير أن يحصل على جزء من الربح المتولد من الاستثمار.
و قد وضعت مؤسسة النقد العربي بنودا وقواعد لتنظيم الاستثمار في الصناديق التي تصدرها المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية. و الهدف من هذه الضوابط منع انهيار مؤسسات السوق (مثل أحجار الدومينو) فيما لو حدثت أزمة مالية وسقط بعضها. وهذا من أسس إدارة المخاطر. أما التعليمات فهي:
– يُسمح للصندوق باستثمار ما لا يزيد على 10 % من صافي أصوله في صندوق استثمار آخر بشرط ألا تتجاوز تلك الاستثمارات 15 % من صافي أصول الصندوق المراد الاستثمار فيه.
– لا يحق للصندوق امتلاك أو الاستثمار في أكثر من 1% من رأسمال أية شركة مساهمة محلية يتم تداول أسهمها في السوق المحلية.
– يجب ألا تتجاوز مخاطر الاستثمار مع أي أطراف ذات العلاقة الواحدة نسبة 15 % من صافي أصول الصندوق.
– يجب ألا تزيد استثمارات أي صندوق في أي إصدار للأسهم عن 1% من صافي الأصول.
تنقسم صناديق الاستثمار الاسلامية إلى عدة أنواع شأنها شأن الصناديق التي تنشئها المؤسسات المالية التقليدية. و تُقسم هذه الصناديق إما حسب نوع النشاط الاستثماري أو بحسب إمكانية تداول وثائقها.
أولا: بحسب نوع النشاط الإستثماري:
1.صناديق الأسهم : وتقوم بالاستثمار في أسهم الشركات التي يكون نشاطها مباحا، لتحقق أرباحا من زيادة أسعار أسهم هذه الشركات، إلا أن الفقهاء اختلفوا في الشركات التي أصل عملها مباح ، ولكنها تمارس بعض الأعمال المحرمة كأن تقترض بفائدة، أو تودع أموالها بفائدة . حيث رأى البعض عدم الاستثمار في أسهمها، والرأي الثاني يرى إمكانية الاستثمار في أسهمها بشرط تطهير عوائدها من الجزء الحرام, و على ذلك سارت معظم صناديق الإستثمار الاسلامية .
و يشير واقع الحال الى أن كثيرا من الشركات العاملة حاليا تدخل في أمور تتعارض مع أحكام الشريعة حتى و إن كان العمل الاصلي للشركة حلالا فإن معظم حالات الإقتراض تعتمد على الفوائد, كما أن كثيرا منها تستثمر فوائض أموالها في حسابات ذات فوائد ربوية .
2.صناديق السلع : يقوم نشاطها على شراء السلع ثم إعادة بيعها, و قد إتجهت هذه الصناديق بصفة أساسية الى أسواق السلع الدولية. و السلع المقصودة هي السلع الأساسية التي لها أسواق بورصة منظمة مثل الألومنيوم و النحاس و البترول .و حتى تتوافق هذه الصناديق مع أحكام الشريعة الإسلامية فهناك عدد من القواعد التي يجب اتباعها عند إجراء معاملاتها و ذلك بحسب نوع البيع المستخدم :
- يجب ان تكون السلعة تحت تصرف البائع قبل ان يبيعها و ألا يكون البيع غير مقبول شرعا.
- يجب تحديد سعر السلعة لكلا الجانبين .
- ان تقتصر على السلع المباحة شرعا .
- البيع المقدم غير مسموح به إلا في حالة السلم و الإستصناع .
3.صناديق الإجارة : تقوم هذه الصناديق باستخدام الاموال المكتتبة في شراء الاصول و تأجيرها لمدة طويلة, بحيث تولد دخلا مستقرا على الإستثمار, و تبقى ملكية هذه الأصول للصندوق كما يتم تحصيل الإيجارات التي تعد مصدر دخله من المستخدمين للأصول, و توزع الأرباح على المكتتبين إذ يحصل كل مكتتب على شهادة (صكوك) تضمن و تحدد نسبة ملكيته في الصندوق .
و هذه الصكوك تكون قابلة للتداول و يمكن بيعها أو شرائها بالسوق الثانوية, و من يشتري هذه الصكوك يحل محل البائعين في إحتفاظه ينسبة الملكية للأصول, و تكون عليه كل الإلتزامات و الحقوق التي كانت للمالك السابق.
و تجدر الإشارة الى أن عقود الإيجار هذه يجب أن تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية. و من أهم هذه الأحكام :
- أن الأموال المؤجرة يجب أن يكون لها حق الإنتفاع و أن الإيجار يبدأ من حين بدء الإنتفاع به .
- يجب أن يتفق استخدام هذه الأصول مع أحكام الشريعة الإسلامية, و على ذلك فلا يجوز استخدامها في أغراض تتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية .
- يجب تحديد الإيجار لكل الأطراف قبل بداية العقد .
- يلتزم المؤجر بكل الإلتزامات المترتبة على ملكيته للأصول .
4.صناديق المرابحة : تقوم على التمويل بالأجل بطريق المرابحة، فيقوم الصندوق بشراء كمية من الحديد أو القمح مثلا بالنقد، ثم يبيعها إلى طرف ثالث بالأجل غير الذي باعها عليه في نفس السوق بسعر أعلى و باقساط ميسرة, وبطريقة مقبولة من الناحية الشرعية وذات مخاطر قليلة مع تحقيق أرباح مقبولة.
5.صناديق السلم : أن يتم في سلعة تكون موصوفة في الذمة، فلا يجوز في المعين ولا الذي لا يُقدر على تسليمه في الأجل. ويدفع الثمن في مجلس العقد، ويجب تحديد الوقت ومكان التسليم. ويمكن تحقيق الأرباح من السلم عن طريق الدخول في عقد سلم ببضاعة موصوفة في الذمة كالقمح أو الزيوت وغيرها.
ثانيا: بحسب إمكانية تداول وثائقها
1.صناديق الإستثمار المغلقة: هي التي يتحدد فيها عند تأسيسها مدتها و غرضها و حجم رأسمالها, بحيث يبقى ثابتا دون زيادة أو نقصان. و يتم تقسيمه الى صكوك مضاربة (وحدات) متساوية القيمة. و تطرح لجمهور المستثمرين للإشتراك فيه, و يقفل الإشتراك بنفاذ هذه الصكوك .
و لا تتعهد إدارة هذه الصناديق في الغالب بإعادة شراء هذه الصكوك إذا ما رغب أحد مالكيها بالإنسحاب من المشاركة, و إنما تقوم عادة بتكوين سوق ثانوي لتداول هذه الصكوك بين العملاء. و قد يتخصص نشاط هذه الصناديق في الإستثمار في قطاع معين أو في دولة معينة بحسب الغرض الذي تم تأسيسه من أجله. و بذلك فإن العمر الزمني لهذه الصناديق يختلف باختلاف تحقيقه لهدفه الإستثماري, فمن هذه الصناديق ما يكون قصير الأجل, و منها ما يكون متوسط أو طويل الأجل. و يتم توزيع الأرباح و التصفية حسب الشروط المنصوص عليها في نشرة الإصدار .
2.صناديق الإستثمار المفتوحة: هي التي لا تتحدد لها مدة زمنية معينة و لا يتحدد فيها مقدار رأس المال, و إنما يتم تحديد سعر صكوكها من قبل إدارة الصندوق المصدر لها عند بدء الإشتراك فيها. و هكذا تظل الفرصة متاحة للجمهور و مفتوحة للحصول على صكوك جديدة, كما تتعهد إدارة الصندوق بإعادة شراء هذه الصكوك إذا ما رغب أحد مالكيها في التخلص منها جزئيا أو كليا وفق إجراءات تحددها نشرة الإصدار.
يترتب على إنشاء البنوك الاسلامية لصناديق الإستثمار العديد من المزايا سواء بالنسبة الى البنوك الإسلامية المؤُسسة لها أو للمستثمرين فيها, أو للسوق المالي و الإقتصاد القومي ككل. و تتمثل هذه المزايا فيما يلي :
1. بالنسبة للأفراد :
– الاستفادة من خبرات الإدارة المحترفة التي تدير الصندوق و هذا ما لا يتوفر للمستثمر الفرد عند قيامه بإدارة أمواله بنفسه. و بذلك تناسب صناديق الإستثمار المدخرين القادرين الذين لا تتوافر لديهم المهارة و الوقت و المعلومات لإدارة محفضة أوراق مالية .
– الإستفادة من عنصر الامان و انخفاض مستوى المخاطر, و من ثم المحافظة على رأس المال. حيث أن المستثمر في الصندوق يُعتبر مالكا لحصة شائعة في محفظة الاوراق المالية التي يتعامل فيها الصندوق, و التي يعتمد في انتقائها على التنويع الكفء القاضي بتجميع أصول متنوعة, حتى إذا حدثت خسارة في إحدى الاوراق المالية في صندوق الإستثمار يمكن تغطيتها بالمكسب المحقق من الإستثمار في أوراق مالية أخرى .
– الإستفادة من المرونة و الموائمة في صناديق الإستثمار. و التي تعطي للمستثمر الحق في الإنتقال باستثماراته من صندوق لآخر مقابل رسوم قليلة مما يحقق خدمة متميزة للمستثمرين الذين تتغير أهدافهم الإستثمارية من وقت لآخر .
– توفر صناديق الإستثمار سيولة عالية حبث يمكن للمستثمر الإستفادة من سيولة الإستثمار إضافة الى قدرته على إسترداد أمواله قبل نهاية مدة وثيقة الإستثمار, من الصندوق مباشرة أو من خلال سوق الأوراق المالية. و تعد السيولة أكثر العناصر أهمية بالنسبة لصغار المدخرين.
– تحقيق عوائد للمستثمرين: حيث تعتبر صناديق الإستثمار و سيلة جدابة لتحقيق ربح مستمر عن طريق ما يحصل عليه من عائد على إستثماراته في الصندوق .
2. بالنسبة للإقتصاد الوطني :
– تنشيط سوق الأوراق المالية عن طريق جذبها لصغار المستثمرين للإستثمار في صناديق الأوراق المالية, بأسلوب عملي لا يتطلب دراية مالية واسعة فضلا عن تداول وثائقها في سوق الأوراق المالية ما ينعكس إيجابا على الإقتصاد الوطني .
– تعبئة المدخرات و توجيهها الى المجالات الإستثمارية المنتجة. الأمر الذي ينعكس على تدعيم الإقتصاد الوطني .
يتضح مما سبق ان صناديق الاستثمار الاسلامية لا تختلف من حيث هيكلها التمويلي عن صناديق الإستثمار التي تنشئها المؤسسات المالية التقليدية, لكن يظهر الإختلاف في استخدام الموارد المالية لصناديق الإستثمار. فصناديق الإستثمار التي تنشئها المؤسسات المالية التقليدية تباشر نشاطها الإستثماري في تكوين و إقتناء محفظة متنوعة من الأوراق المالية المتداولة إما في أسواق النقد أو في أسواق رأس المال. و هو في الغالب استثمار غير مباشر يقتصر على بيع و شراء الأوراق المالية و الإفادة من عائداتها السنوية المتوقعة.
أما صناديق الاستثمار الاسلامية فإنها تستخدم مواردها المالية في القيام باستثمارات حقيقية و في عمليات مباشرة قائمة على عقد المضاربة الشرعية و مجالات الإستثمار الإسلامي الأخرى كالتأجير و السلم و الإستصناع و غيرها .