خبراء يقترحون إنشاء هيئة شرعية مركزية للبنوك الاسلامية في الكويت
فرض النمو المطرد للصيرفة الاسلامية وتوسعها و انتشارها بشكل كبير تحديات جديدة أمام صناع القرار الاقتصادي في معظم دول العالم خصوصا البنوك المركزية لجهة تقنين هذه الصناعة وتنظيمها وتطويرها لتتلائم مع المتطلبات والتطورات العالمية في مجال الشفافية والحوكمة.
و أصدر صندوق النقد الدولي مؤخرا دراسة تضمنت خمسة تحديات رئيسية امام انتشار الصيرفة الاسلامية عالميا وقدم في هذه الدراسة التي حملت عنوان (الصيرفة الاسلامية..فرص وتحديات) عددا من المقترحات للدول التي تمتلك مصارفا اسلامية.
و يعتبر إقتراح تأسيس هيئة شرعية مؤسساتية ومركزية على المستوى الوطني لكل دولة على حدا وعدم اقتصار هذه الهيئات على الصعيد الداخلي للمصرف من أهم مقترحات صندوق النقد الدولي في هذه الدراسة, لتفتح الباب واسعا أمام التساؤل حول حاجة الكويت لإنشاء هيئة شرعية مركزية للبنوك الاسلامية ومدى مساهمة هذه الهيئة في تطوير هذه الصناعة المصرفية.
وجرت العادة على ان تضع البنوك الاسلامية لنفسها القواعد التي تضمن توافق منتجاتها مع الشريعة الاسلامية في وقت يفضل التوجه العالمي السائد في مجال البنوك والائتمان النموذج المركزي خصوصا ان الحوكمة الرشيدة اصبحت موضوعا بالغ الاهمية بعد الازمة المالية العالمية ولايمكن التقليل من اهميتها في البنوك الاسلامية ايضا.
والتقت وكالة الانباء الكويتية (كونا) عددا من الخبراء للاطلاع على اهمية تاسيس هيئة شرعية مركزية على مستوى الكويت باشراف من بنك الكويت المركزي والجدوى من تاسيس هكذا هيئة خصوصا أن دول الخليج كانت سباقة في هذا المجال على المستوى العالمي بعد اعلان البحرين عن تاسيس هيئة شرعية مركزية تساهم في الاشراف على منتجات التمويل الاسلامي وتضع قواعد لتعزيز الحوكمة في هذ القطاع على مستوى المملكة.
وفي هذا السياق قال الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي (بيتك) مازن الناهض لوكالة الانباء الكويتية إن موضوع تاسيس هيئة شرعية مركزية على مستوى الكويت موضوع “متشعب الا انه مرحب به” مضيفا ” أن تاسيس هذه الهيئة ليس بالسهولة التي نتخيلها لوجود اختلاف بين الشيوخ (علماء الشرع) في الهيئات المختلفة في هذا المجال”.
وأوضح ان الاختلاف بين الهيئات الشرعية في البنوك الاسلامية داخل البلد الواحد أمر وارد جدا “الا أنه يعتبر من المفارقات أيضا لاسيما ان هناك هيئات تجيز منتجات وهيئات اخرى لاتجيزها, أي أن الاختلاف بين الهيئات الشرعية في البنوك الاسلامية أمر ممكن الحدوث حيث يتم اللجوء في حالات الاختلاف الى رأي الاكثرية في النهاية “.
وذكر أن الاختلافات حول جواز المنتجات التمويلية من عدمه بين الهيئات الشرعية في البنوك المختلفة يمكن تجنبه في حال وجود هيئة شرعية مركزية تساهم في الاشراف على منتجات التمويل الاسلامي في الكويت وتضع القواعد المتعلقة به.
من جانبه قال خبير صندوق النقد الدولي زين زيدان الذي ساهم في اعداد دراسة (الصيرفة الاسلامية .. فرص وتحديات) لوكالة الانباء الكويتية خلال زيارته مؤخرا للكويت, أن تطور الصيرفة الاسلامية داخل بيئتها الطبيعية (الدول ذات المكون الاسلامي) يمكن ان يساعد هذه الصيرفة على الانتشار عالميا من خلال احتذاء الدول الاخرى للنموذح الاسلامي المعمول به في هذه الدول الاسلامية.
واضاف أن الدول المعنية بصناعة الصيرفة الاسلامية يتوجب عليها لتطوير صناعتها التفكير جديا بتاسيس هيئة شرعية مؤسساتية ومركزية على الصعيد الوطني لكل دولة, مشيرا الى ان عددا من دول الخليج كانت سباقة في هذا المجال إضافة الى ماليزيا واندونيسيا.
وأوضح أن معظم البنوك المركزية في الدول التي لديها نظام صيرفة اسلامية لديها هيئة شرعية داخلية لكن عملها يقتصر على فحص منتجات البنوك الاسلامية, في حين يجب أن يتسع نطاق عمل الهيئة المركزية الى جميع أنحاء البلد للمساهمة في الحد من التناقض بين المتنتجات الاسلامية وتسريع ابتكار منتجات جديدة وتعزيز ثقة المستثمرين.
وأشار الى تشكيل البنك المركزي العماني في أكتوبر الماضي هيئة للرقابة الشرعية للمساهمة في الاشراف على قطاع الخدمات المصرفية في السلطنة, في حين أعلنت الامارات العربية المتحدة اعتزامها تبني نهج مركزي مدعوم بقواعد محددة لكنها لم تحدد اطارا زمنيا لها.
وعدد زيدان مجموعة من العوائق الاخرى والبسيطة التي يمكن تجاوزها للمساهمة في زيادة تطوير الصيرفة الاسلامية على الصعيد الوطني للدول, منها توفير بنية تحتية من المعلومات وتقييم المخاطر, التي يجب أن تكون متطورة أكثر من تلك الموجودة في المصارف التقليدية كون البنوك الاسلامية تدخل في الاستثمارات بشكل مباشر وتتحمل مع المستثمرين المخاطر.
وأوضح أن الهيئة الشرعية المركزية يجب أن تعمل في حال انشائها على تطبيق المعايير الرقابية على البنوك الاسلامية كون هذه المعايير تشابه من حيث الكم والنوعية المعايير المعتمدة في البنوك التقليدية والتي تضعها بشكل متجدد لجنة بازل.
من جهته قال الرئيس السابق لشعبة الاقتصاد الاسلامي في كلية العلوم الادارية في جامعة الكويت عبد الله المعوشرجي لوكالة الانباء الكويتية أن الكويت تعتبر من الدول المتطورة في مجال الصيرفة الاسلامية على مستوى العالم وتمتلك مؤسسات لها باع طويل في هذه الصناعة الكبيرة.
وأضاف المعوشرجي أن تطوير هذه الصناعة في الكويت يحتاج الى متطلبات ومواجهة التحديات من بينها تأسيس هيئة شرعية مركزية تجمع نخبة من علماء الشرع تكون تحت اشراف بنك الكويت المركزي وتقوم بدور اشرافي على الصيرفة الاسلامية داخل البلاد.
وذكر أن التطور الملحوظ والكبير في الصيرفة الاسلامية محليا وعالميا يستدعي وجود هذه الهيئة لمواجهة اي تطورات غير متوقعة في المستقبل خصوصا وأن الاقتصاد العالمي عانى وقد يعاني من ازمات هيكلية ونظامية متلاحقة, مشيرا الى وجود بعض التحديات التي قد تلاقيها هذه الهيئة من قبل اصحاب مصالح ببقاء الوضع الحالي على ماهو عليه في الصيرفة الاسلامية الا انه خطوة ضرورية.
وأشار الى عدد من المتطلبات الاخرى التي تحتاجها صناعة الصيرفة الاسلامية في الكويت لتستمر بوتيرة نموها الحالي أهمها قانون للصكوك وتطوير المنتجات وايجاد منتجات جديدة والابتعاد عن التركيز الائتماني والتنويع القطاعي للاستثمارات التي تقوم به هذه البنوك, موضحا أن نصف البنوك الكويتية البالغ عددها عشر بنوك هي بنوك تعمل وفق احكام الشريعة الاسلامية.
يذكر أن دراسة لصندوق النقد الدولي في مجال الصيرفة الاسلامية أظهرت نموا بواقع 20% في الاصول الاسلامية العام الماضي حول العالم .
كونا