تنظيم ندوة في سلطنة عمان حول التحديات والمستقبل للتمويل الإسلامي
عرفت كلية الدراسات المصرفية والمالية تنظيم ندوة ” التمويل الإسلامي: التحديات والمستقبل” و ذلك تحت رعاية سعادة حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني، و بمشاركة واسعة من القطاعين المصرفي و المالي و باحثين في مجال الاقتصاد والشريعة و بعض الأكاديميين و الطلاب.
الندوة جمعت متحدثين ومحاورين من كبار العاملين في القطاع المالي والمصرفي و المتخصصين في الصيرفة الإسلامية و ذلك بهدف استعراض ونقاش المبادئ الأساسية للتمويل الإسلامي، و توضيح الصورة حول سوق التمويل الإسلامي، كما ناقشت الندوة أثر التمويل الإسلامي على نمو الاقتصاد الكلي و استقراره، بالإضافة إلى مناقشة آفاق و تحديات صناعة التمويل الإسلامي العالمية والمحلية.
بدأت الندوة بكلمة ترحيبية ألقاها الدكتور أحمد بن محسن الغساني، تلى ذلك كلمة افتتاحية ألقاها سعادة حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني عبر فيها عن سعادته بتنظيم هذه الندوة معبرا عن أمله في أن توفر هذه الندوة فرصة جيدة لمناقشة دور التمويل الإسلامي في نمو وتنويع الاقتصاد الوطني، والبحث في بعض التحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية في السلطنة.
الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني أكد بأن هناك إجماعا بين العديد من المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له حول آفاق الاقتصاد الإقليمي, و تقرير البنك الدولي حول الآفاق الاقتصادية العالمية على أن تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على عائدات النفط هي خطوة استراتيجية من شأنها أن تساعد دول مجلس التعاون الخليجي للتغلب على تذبذب الموارد المالية.
و أضاف سعادة أنه إدراكا من السلطنة لأهمية تنويع مصادر الدخل فقد اتخذت خطوات وقائية مهمة ولا تزال السلطنة مستمرة في تنويع مصادر الدخل. ولهذه الغاية، يأتي تطوير القطاعات غير النفطية في أولوية القائمة بما في ذلك تطوير قطاع الصناعات التحويلية، والصناعات السمكية، و السياحة و البنية التحتية و الخدمات و قطاع المشاريع الصغيرة و المتوسطة، فضلا عن تنمية الموارد البشرية, مشيرا إلى أن النمو الاقتصادي و تنويع مصادر الدخل يتطلبان هيكلة مالية مناسبة و مستدامة حيث إن اللجوء إلى نظام مالي متنوع و مرن هو مرتكز أساسي لتلبية الأهداف المطلوبة، و لذلك اهتمت السلطنة بمجال التمويل الإسلامي في خطوة منها لتوفير خيارات متعددة لآليات تمويل مناسبة.
ثم تطرق سعادة إلى المرسوم السلطاني رقم 69/2012 الذي مهد الطريق لخدمات مصرفية متعددة في السلطنة حيث نظم المرسوم المنتجات التمويلية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية والمنتجات المصرفية التقليدية، وتبعاً لذلك أصدر البنك المركزي العماني في ديسمبر 2012 الإطار التنظيمي للصيرفة الإسلامية، حيث شمل هذا الإطار الجوانب التنظيمية والإشرافية للعمل المصرفي الإسلامي في السلطنة لضمان سلامة ودقة التنفيذ، بالإضافة إلى ضمان استقرار الصناعة المصرفية الإسلامية في السلطنة وتحقيقها للأهداف المتوخاة، إذ يوفر الإطار التنظيمي تعليمات و مبادئ توجيهية مفصلة بشأن المسائل المتعلقة بالترخيص و الإشراف على الكيانات المصرفية الإسلامية، استنادا إلى أفضل التجارب و الممارسات الإقليمية و الدولية.
كما أشار سعادة رئيس البنك المركزي العماني إلى أنه علاوة على ذلك، تم تشكيل الهيئة العليا للرقابة الشرعية لتقديم النصح إلى للبنك المركزي العماني حول المسائل الشرعية المتعلقة بالعمل المصرفي الإسلامي.
و قد أبدى سعادة ارتياحه من تطور التمويل الاسلامي في السلطنة خلال السنوات الثلاث الأخيرة نظراً لمواكبته لاحتياجات السوق، و ضرب مثالا على هذا التطور أن النظام المصرفي الإسلامي المعمول به في السلطنة يتوافق مع ضوابط منظمة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) كما أن أحد ملامح تطور التمويل الإسلامي في السلطنة هو إطلاق سوق مسقط للأوراق المالية لمؤشر الشريعة. مشيرا في هذا الصدد إلى أحدث تقرير لمؤشر التنمية المالية الإسلامية (2013/14)، من قبل طومسون رويترز، الذي صنف السلطنة في المرتبة الثالثة بين أفضل الدول أداء بعد ماليزيا والبحرين، موضحاً أن السلطنة بها حالياً مصرفان اسلاميان وستة نوافذ تقدم خدمات مصرفية إسلامية.
بعد ذلك تحدث عن التحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية في السلطنة نتيجة حداثة هذا القطاع الواعد مشيرا إلى أن تلك التحديات هي قصيرة إلى متوسطة المدى أو متوسطة إلى طويلة المدى، ومنها: إدارة السيولة، و الحاجة إلى الكوادر المتخصصة والتنافس مع منتجات المصارف التقليدية، و نقص المنتجات الإسلامية التي باستطاعتها استغلال السيولة الفائضة لدى المصارف الإسلامية و خاصة في المرحلة المبكرة للعمل المصرفي الإسلامي بالإضافة إلى أن عدم وضوح الخيارات التمويلية الإسلامية للمنتفعين يعتبر مصدر قلق بالنسبة للمصارف الإسلامية.
و أشار سعادة إلى أن السلطنة تدرس إصدار صكوك حكومية إسلامية في وقت لاحق من هذا العام، مؤكدا على أن ذلك من شانه تقديم معيار تسعيري و أداة جديدة لإدارة السيولة الفائضة. و في ختام كلمته توجه سعادته بالشكر لكلية الدراسات المصرفية و المالية لدورها في تنظيم هذه الندوة متقدما بالشكر كذلك إلى المصارف و شركات التمويل و الأكاديميين من الكليات و الجامعات الأخرى الذين يشاركون في الندوة.
كما تضمنت الندوة جلسة نقاش مباشرة مع البروفيسور الدكتور عباس ميراخور و هو أحد خبراء صناعة الصيرفة الإسلامية و أول رئيس لقسم المالية الإسلامية بالمركز الدولي للتعليم في التمويل الإسلامي (INCEIF).
تضمنت الندوة كذلك جلستيّ نقاش الأولى تحت عنوان “أثر التمويل الإسلامي على النمو الاقتصادي”، أما الجلسة الثانية فكانت تحت عنوان “الآفاق والتحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية في سلطنة عمان”، كما قدم الدكتور جميل الجارودي الرئيس التنفيذي لبنك نزوى عرضا حول التمويل الإسلامي في سلطنة عمان الحاضر والمستقبل.
و في هذا الإطارأشار الدكتور أحمد بن محسن الغساني عميد الكلية في ختام الندوة إلى رفع تقرير ومشاركته مع أصحاب القرار والأكاديميين وسيتضمن أهم التحديات التي تحتاج لإجراءات سريعة لحلها.
كما خرجت الندوة ببعض التوصيات فيما يخص الجانب التشريعي والتنفيذي أو جوانب زيادة وعي المجتمع.