بيع السلم
يعتبر السلم أداة تمويل ذات كفاءة عالية في الاقتصاد الإسلامي وفي تعاملات البنوك الإسلامية، وذلك راجع لمرونتها و استجابتها لمختلف الحاجات التمويلية، سواء أكان تمويلا قصير الأجل, متوسطا أو طويلا, اضافة الى تلبيتها لمتطلبات شرائح متنوعة و متعددة من العملاء في مختلف القطاعات و الأنشطة الاقتصادية.
و على الرغم من أن استخدام السلم كان بداية في المجال الزراعي، إلا أن إمكانية استخدامه في المجالات الاقتصادية الأخرى متاح بدرجة كبيرة, فهو عقد لبيع آجل بعاجل أي بيع سلعة مع تقديم ثمنها و تأخير استلامها. و يمكن أن يطبق في البنوك الإسلامية لتمويل النشاط التجاري و الصناعي كذلك, بحيث تدعم المنتجين الزراعيين, و الصناعيين, و المقاولين أو التجار من خلال مدهم بالأموال اللازمة لشراء المواد الخام مثلا حتى إذا ما أصبحت السلعة جاهزة استلمها البنك الإسلامي، وباعها مقابل هامش ربح.
و عليه فالسلم هو أحد أنواع البيوع يتم فيه الإتفاق على تعجيل دفع ثمن السلعة مع تأجيل تسليمها، و هو عكس البيع الآجل(البيع بالتقسيط) الذي يتم فيه تقديم تسليم السلعة و تأخير قبض الثمن. و يطلق عليه كذلك البيع الفوري الحاضر الثمن الآجل البضاعة. أما شرعا فهو بيع آجل بعاجل أو “بيع يتقدم فيه رأس المال (الثمن) و يتأخر المثمن (المبيع) لأجل”, أو هو “بيع موصوف في الذمة”.
و قد ثبتت مشروعية بيع السلم بالكتاب في قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ». و روى البخاري و مسلم أن النبي ﷺ قدم المدينة و هم يسلفون في الثمار السنة و السنتين فقال: “من أسلف فليسلف في كيل معلوم و وزن معلوم إلى أجل معلوم”. أما في الاجماع فقد قال ابن المنذر بإجماع أهل العلم على أن السلم جائز و يسميه الفقهاء بيع المحاويج .
أركان عقد السلم عند غير الحنفية ثلاثة:
- عاقدان : وهما المشتري ” المسلم “، و البائع أو ” المسلم إليه ” .
- المعقود عليه : و يشمل الثمن ” رأس المال ” و السلعة ” المسلم فيه ” .
- الصيغة: تشمل الايجاب و القبول .
أما ركنه عند الحنفية فهو الايجاب والقبول.
أما شروط بيع السلم فهي كالآتي:
- اهلية المتعاقدين ( العقل و البلوغ).
- أن يكون المعقود عليه مقدورا على تسليمه.
- أن يكون المال المعقود عليه مالا متقوما ( مشروعا و منتفعا به).
- أن يكون المعقود عليه مملوكا للبائع، أو أن يكون موكلا في بيعه.
- أن يكون المعقود عليه معلوما في قدره و وصفه وجنسه و نوعه, و غير ذلك.
كما أن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في مؤتمره التاسع بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة سنة 1995م،قد أوضح الشروط الخاصة ببيع السلم كما يلي :
- يقع عقد السلم على السلع التي تشمل كل ما يجوز بيعه و يمكن ضبط صفاته و يثبت دينا في الذمة.
- يجب أن يحدد لعقد السلم أجل معلوم، إما بتاريخ معين، أو بالربط بأمر مؤكد الوقوع و لو كان ميعاد وقوعه يختلف اختلافا يسيرا لا يؤدي للتنازع كموسم الحصاد.
- الأصل تعجيل قبض رأسمال السلم في مجلس العقد و يجوز تأخيره ليومين أو ثلاثة و لو بشرط، على أن لا تكون مدة التأخير مساوية أو زائدة عن الأجل المحدد للسلم.
- لا مانع شرعا من أخذ المسلم (المشتري) رهنا أو كفيلا من المسلم إليه (البائع) .
- يجوز للمسلم (المشتري) مبادلة المسلم فيه بشيء آخر غير النقد بعد حلول الأجل، سواء كان الاستبدال بجنسه أم بغير جنسه. حيث لم يرد في منع ذلك نص ثابت و لا إجماع، و ذلك بشرط أن يكون البدل صالحا لأن يجعل مسلما فيه برأس مال السلم.
- إذا عجز المسلم إليه عن تسليم المسلم فيه عند حلول الأجل، فإن المسلم (المشتري) يخير بين الانتظار إلى أن يوجد المسلم فيه، وفسخ العقدوأخذ رأس ماله، وإذا كان عجزه عن إعسار، فنظرة إلى ميسرة..
اضافة الى ما سبق اشترط الفقهاء شروطا خاصة برأس المال و بالمسلم فيه :
أولا: شرط رأس المال
– ان يكون راس المال معلوما في جنسه و قدره و صفته .
– تسليمه في مجلس العقد،و أجاز المالكية تأخيره ليومين أو ثلاثة.
– أن يكون رأس المال منفعة معينة .
– لا يجوز جعل الدين راسمال للسلع.
ثانيا: شرط المسلم فيه «السلعة أو المبيع »
– أن تكون السلعة مؤجلة إلى أجل معلوم.
– أن لا تكون في سلعة موجودة.
– أن تكون السلعة دينا في الذمة.
– ان يكون المسلم فيه مقدور التسليم عند اجله.
– بيان مكان تسليم المسلم فيه، والأصل هو مكان العقد.
– أن تكون مواصفات السلعة واضحة بما فيها بلد المنشا، والحجم والجودة. و اللون وغير ذلك .
– أن تكون السلعة مضبوطة في كيلها، أو في وزنها ، أو عددها، بما يتعارف عليه أهل البلد .
– ان تكون السلعة محققة الوجود، أو أغلب الظن أنها موجودة عند حلول أجل التسليم .
– لا يجوز بيع السلعة في السلم قبل قبضها أو استلامها,ويجوز أن يعقد عقد سلم موازي جديد لا علاقة له بالعقد الأول.
مزايا بيع السلم
- يطمئن البائع الى أن السلعة مضمونة البيع نتيجة التزام الطرف الثاني بشرائها.
- يحصل المنتج على تمويل لرأس المال العامل دون الحاجة إلى الاقتراض.
- يمكن من إيجاد أدوات مالية مبنية على أسلوب بيع السلم، منها ما هو قصير الأجل، ومنها ما هو طويل الأجل لطرحها للتداول في الأسواق المالية،و منها سندات السلم.
- استغلال السيولة الزائدة في البنوك الاسلامية من أجل تحقيق ربح مناسب بدلا من أن تبقى راكدة.
- جذب عملاء محتملين والحفاظ على الحاليين من خلال تلبية مختلف احتياجاتهم التمويلية.
- ضمان الحصول على السلعة وقت الحاجة إليها بسعر مناسب ·
- تستغل البنوك الاسلامية هذه الصيغة في تمويل القطاعات ذات الأولوية مثل الزراعة، الصناعة… و ذلك عن طريق توفير السيولة النقدية لهم .
و تتجلى الخطوات العملية لبيع السلم في البنك الاسلامي كالتالي:
- يتقدم العميل بطلب للحصول على تمويل بطريقة السلم, محددا السلعة التي سيبيعها للبنك,ثمن البيع و وقت التسليم.
- يقوم البنك الاسلامي بدراسة طلب العميل حسب المعايير المعمول بها.
- ابلاغ البنك الاسلامي للعميل بتفاصيل الموافقة على طلبه.
- يتم توقيع العقد بعد موافقة الطرفين على تفاصيل العملية.
- تسليم الثمن المتفق عليه للعميل عند ابرام العقد.
- استلام البنك الاسلامي للبضاعة في الأجل المحدد و قيامه بتصريفها.
لقد سبقت الاشارة الى ما يتميز به عقد السلم من مرونة و قابلية للاستجابة لمختلف المتطلبات التمويلية للعملاء في قطاعات اقتصادية متنوعة, مما يفتح الباب أمام تطبيق عقد السلم في مجالات مختلفة:
أولا– تطبيق السلم في الميدان الزراعي :
تستطيع البنوك الاسلامية أن تساهم في التنمية الزراعية عن طريق صيغة التمويل بالسلم من خلال توفير السيولة لصغار و كبار المزارعين مقابل شراء انتاجهم الفلاحي وفق ما أتفق عليه. ثم يقوم البنك الاسلامي بتصريف المحصول بسعر أعلى مما اشتراه به في أول الأمر محققا بذلك عدة أهداف:
- توفير المال للفلاحين.
- الربح الحلال للبنك الاسلامي.
- المساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية.
- تأمين مصلحة المجتمع و الدولة و تنمية الدخل القومي.
ثانيا– تطبيق السلم في الميدان التجاري :
يساهم السلم في تمويل النشاط التجاري خاصة في انتاج و تصدير السلع و المنتجات, بشرائها سلما أو اعادة تسويقها.و بهذا يصبح عقد السلم مصدرا لتمويل التجار باحتياجاتهم من المال العاجل لتنفيذ مشاريعهم التجارية. و يمكن تطبيق هذا العقد بين تجار الجملة الذين يتعاقدون مع أصحاب المصانع التي تنتج السلع التي يتاجرون بها, مقابل أن يدفعوا ثمنها مقدما ثم يتسلموا هذه السلع بعد المدة المتفق عليها.
ثالثا– تطبيق السلم في الميدان الصناعي :
يستفيد البنك الاسلامي في هذه الحالة من عقد السلم عن طريق تمويل مهنيي الصناعة صغارا كانوا أو كبارا, في مقابل تسليمهم البنك سلعا في مدة معينة أو بصفة دورية, ثم يقوم البنك الاسلامي باعادة تسويق هذه المنتجات محققا الربح و التنمية الاقتصادية أيضا.
رابعا– تطبيق السلم في ميدان التجارة الخارجية :
من خلال قيام البنك الاسلامي بالاتفاق مع شركة معينة على شراء سلع محددة الاوصاف حسب المقاييس المحلية و الدولية, على ان يسلم التاجر المسلم فيه اي المبيع في تاريخ محدد. و يقوم الممول باستلام البضاعة و بيعها بسعر أعلى محققا الربح المرجو.
و لقد لجأت البنوك الاسلامية الى الاستعانة بعقد السلم باعتباره أداة مهمة من أدوات الاستثمار الاسلامي الى جانب العقود الأخرى كالمرابحة و المضاربة و المشاركة…
حيث يمكن للبنك الاسلامي باعتماد غقد السلم أن يمول النشاطات الزراعية و الصناعية و التجارية, سواء على المستوى الفردي أو المشاريع الكبرى التي تحتاج الى قدرات تمويلية مهمة. في حين تتحقق مصلحة البنك الاسلامي في حصوله على سلع و خدمات أجلة بسعر عاجل و رخيص نسبيا, مما يمكنه من تحقيق الربح بعد أن يقوم بقبض السلعة و بيعها .
و هذه الصورة هي الأساسية و عليها ينبغي أن تجري معظم العمليات المصرفية التي تعتمد طريقة بيع السلم. لكن التطور المستمر فرض على البنوك الاسلامية اعتماد صور أخرى للتمويل بالسلم:
الصورة الأولى: قيام البنك الاسلامي بشراء بضاعة على أساس عقد السلم، ثم يقوم بتوكيل جهة ما قد يكون البائع نفسه أو غيره لتولي تصريف البضاعة بالنيابة عبه بسعر يحدده البنك, و هذا ما يسمى السلم مع توكيل الغير ببيع السلعة, و هو من التطبيقات المعاصرة لعقد السلم. و بذلك يكون البنك قد استخدم أمواله في تمويل شراء السلع سلما بأسعار منخفضة نسبيا، ثم بيعها بعد قبضها لأجل بأسعار مرتفعة نسبيا.
إن قيام البائع في عقد السلم بتسويق البضاعة و تسليمها بمعرفته إلى المشتري النهائي يكون جائزا باعتباره يكون وكيلا عن البنك الذي هو المشتري الأول في عقد السلم. و بطبيعة الحال يتطلب هذا أن يتحمل البنك كامل المسؤولية في ما يترتب عن هذا البيع للمشتري الجديد. و لا مانع أن يقوم البائع بذلك بأجرة أو بدون أجر لأن الوكالة تصح في كلتا الحالتين.
الصورة الثانية: بيع البنك الاسلامي السلعة للبائع نفسه, و بيع المسلم فيه للمسلم اليه قبل قبضه منه جائز عند بعض الفقهاء شرط أن يكون بنفس الثمن أو أقل حتى ل ايربح المشتري فيما لم يضمن. و مما يدعو الى استخدام هذه الصورة أن البائع قد يكون اكتسب خبرة في تسويق تلك السلعة و له شبكة عملاء اعتادوا التعامل معه, فيسهل بالتالي تصريف البضاعة و بالتالي تحقيق مصلحة الطرفين.
الصورة الثالثة: و هي سندات السلم, حيث يصدر البنك الاسلامي ضمن هذه الصيغة سندات تمثل عقد سلم، يكون فيها البنك هو المسلم إليه (البائع)، وحامل السند هو المسلم (المشتري)، ومحل العقد هو سلعة ينتجها البنك أو تكون متوفرة في الأسواق عند الأجل. و لهذا السلم رأس مال يدفع في مجلس العقد، و أجل محدد في نشرة الإصدار، و ينتهي بأن تقوم جهة مستقلة عن البنك الاسلامي بقبض بضاعة السلم بالوكالة عن حملة السندات ثم بيعها الى طرف ثالث.
الطريقة الرابعة: أن يبيع البنك الاسلامي في الذمة سلعة من جنس ما أسلم فيه دون الربط بين العقدين, أي أن يبرم العاقد صفقة شراء بالسلم، ثم يبرم صفقة بيع بالسلم دون ربط بينهما، و يعزم على أن ينفذ الصفقة الثانية مما يتسلمه من الصفقة الأولى. و هذا ما يسمى بالسلم الموازي, و هو من التطبيقات المعاصرة في البنوك الاسلامية.
فعقد السلم الموازي هو عقد سلم يعتمد فيه البائع (المسلم إليه ) في تنفيذ إلتزاماته على ما يستحقه و ينتظره من مبيع بصفته مشتريا (مسلما) في عقد سلم سابق ، دون أن يتعلق عقد السلم الأول .
فالسلم الموازي إذن عبارة عن عقدين من السلم بنفس مواصفات السلعة مع تساو أو اختلاف في الأجل، و طبعا فارق في الثمن، بشرط عدم الربط بينهما. أي أن يبرم العاقد صفقة شراء بالسلم، ثم يبرم صفقة بيع أخرى بالسلم بدون ربط بينهما كما أشرنا سابقا، بحيث يعزم على أن ينفذ الصفقة الثانية مما يتسلمه من الصفقة الأولى. ومثال ذلك أن يأتي مزارع إلى مؤسسة التمويل ليبيعها محصوله من الزيتون و يسلمه في وقت الجني، و تدفع مؤسسة التمويل الثمن للمزارع، ثم تقوم بالتعاقد مع طرف آخر لبيعه كمية الزيتون بتاريخ آخر متفق عليه, و يتم ذلك من خلال عقدين منفصلين.
و السلم الموازي أجازته الهيئات العلمية الشرعية المعتبرة. و تطبق البنوك الاسلامية السلم الموازي بأن تبيع بضاعة ما بطريقة السلم، و تكون هذه البضاعة من جنس و مواصفات بضاعة أخرى يشتريها البنك بعقد سلم آخر. و في العادة يكون هذان العقدان متوافقين، دون ربط بينهما بحيث يضمن البنك تصريف السلعة التي اشتراها، أو يضمن الحصول على البضاعة التي يريد بيعها.
و عقد السلم الموازي هو في حقيقته عقد سلم، والسلم مشروع كما رأينا سابقا, و إنما خالف فيه بعض المعاصرين لما يتضمنه عقد السلم الموازي من ربط بينه و بين عقد السلم الذي يوازيه، ذلك أن البنك الاسلامي في نيته أن يسلم نفس البضاعة التي أسلم فيها في عقد السلم الأول و هو ما اعتبره البعض حيلة لبيع المسلم فيه قبل قبضه. و في رده على هذه الشبهات أشار الإمام الشافعي الى الآتي:
- أن المتفق عليه هو المواصفات، فله أن يعطيه من غير البضاعة نفسها.
- أن هذه البضاعة المعقود عليها في السلم الأول، إذا جاءت على غير الصفة المطلوبة، فعليه أن يحضر له غيرها.
- أن هذه البضاعة و إن خرجت على الصفة المطلوبة، فله أن يمسكها، ويعطيه منغيرها .
كما أجازت فتوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار حول السلم هذه الصيغة (السلم الموازي). و قد ورد في المعيار الشرعي رقم (10) من معايير هيئة المحاسبة و المراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية بخصوص السلم الموازي ما يلي:
- يجوز للمسلم إليه أن يعقد سلما موازيا مستقلا مع طرف ثالث للحصول على سلعة مواصفاتها مطابقة للسلعة المتعاقد على تسليمها في السلم الأول ليتمكن من الوفاء بالتزامه فيه، و في هذه الحالة يكون البائع في السلم الأول مشتريا في السلم الثاني.
- يجوز للمسلم أن يعقد سلما موازيا مستقلا مع طرف ثالث لبيع سلعة مطابقة في مواصفاتها للسلعة التي اشتراها بعقد السلم الأول, و في هذه الحالة يكون المشتري في السلم الأول بائعا في السلم الثاني.
- في كلتا الحالتين المذكورتين أعلاه لا يجوز ربط عقد سلم بعقد سلم آخر، بل يجب أن يكون كل واحد منهما مستقلا عن الآخر في جميع حقوقه و التزاماته، و عليه فإن أخل أحد الطرفين في عقد السلم الأول بالتزامه لا يحق للطرف الآخر (المتضرر بالإخلال) أن يحيل ذلك الضرر إلى من عقد معه سلما موازيا، سواء بالفسخ أو تأخير التنفيذ.
يمكن أن تباشر البنوك الاسلامية عقد السلم و السلم الموازي, بالشكل التالي:
- قيام البنك الاسلامي بإنشاء صندوق استثماري تستخدم أمواله لشراء سلعة معينة عن طريق عقد السلم بآجال محددة.
- يدخل الصندوق الاستثماري في سلم مواز بعد مرور فترة من الزمن، و لكن قبل حلول أجل السلم الأول، يبيع بموجبه ( السلعة المشتراة ) مماثلة، و لنفس أجل السلعة التي اشتراها بالسلم الأول.
- يقوم الصندوق عند حلول الأجل باستلام السلعة ثم تسليمها إلى المشترين في السلم الموازي.
و بهذه الطريقة, وبإنشاء عقدين منفصلين يبتعد الصندوق الاستثماري عن بيع بضاعة السلم قبل قبضها, فهو ملتزم بتسليم سلعة السلم في العقد الموازي، حتى و إن لم يف البائع بتسليم السلعة التي اشتراها البنك منه بعقد السلم الأول.
و يحقق الصندوق ربحه من الفرق بين قيمة العقدين, فعندما يبيع الصندوق سلعة بعقد السلم الموازي فهو يحرص على أن يكون ثمن البيع أعلى من الثمن الذي اشترى به السلعة بعقد السلم الأول, حيث إن السلم الموازي يقع بعد مرور فترة من تاريخ انعقاد السلم الأول، فالثمن الذي يبيع به الصندوق السلعة في السلم الموازي يكون مرتفعا نسبيا مما يحقق الربح المجو للبنك الاسلامي.
رغم ما يوفره عقد السلم الموازي من ضمانات و مزايا كتجنب مخاطر السوق و مخاطر التلف المترتبة على الملكية إلى أدنى حد ممكن، غير أنه لا يمكن تجنب بعض المخاطر:
أولا: مخاطر الائتمان أو الطرف المقابل
فمن الوارد عدم الوفاء بتسليم السلعة المشتراة سلما في موعدها لعوامل قد تكون خارجة عن إرادة البائع, فضلا عن مخاطر عدم القدرة على السداد التي تحول دون إمكانية قيام البائع بتنفيذ التزاماته في العقد الأصلي عن طريق شراء سلعة السلم من السوق.
ثانيا: مخاطر السوق
وتنشأ هذه المخاطر نتيجة للفصل بين عقد السلم الأصلي و عقد السلم الموازي, حيث إن عدم الالتزام بالعقد الأول لا يعفي البنك من الالتزام بالعقد الثاني. و بالتالي فإن البنك الاسلامي سيقوم بشراء السلعة المبيعة في عقد السلم الموازي من السوق، و يواجه في هذه الحال مخاطر تقلبات الأسعار في السوق وعدم ملاءمتها للثمن المحدد في عقد السلم الموازي.
ثالثا: مخاطر السيولة
وتتعلق بأن السلعة المشتراة في عقد السلم الأصلي لا يمكن بيعها قبل قبضها لأنها دين، ويمكن تخفيض هذه المخاطرة عن طريق السلم الموازي ببيع سلعة مطابقة لها في المواصفات مع مراعاة تواريخ التسليم، بل إنه يمكن للبنك أن يجعل البضاعة في عقد السلم الأصلي وهي دين له رهنا أو ضمانا للوفاء بالتزاماته في عقد السلم الموازي، وذلك استنادا إلى رأي بعض الفقهاء الحنابلة في جواز أن يكون الرهن دينا.