المصارف الاسلامية في العراق تنشد الشمول المالي لتعزيز أعمالها
تتجه المصارف الاسلامية العراقية نحو تكريس جانب مهم من نشاطها لتعزيز المنتجات المصرفية الاسلامية عبر الشمول المالي الذي تعده منطلقا لاعمالها ولإعطاء دفع للأفراد و المشروعات الصغيرة و المتوسطة, الذين يفضلون العمليات المصرفية المتوافقة مع الشريعة .
رئيس جمعية المصارف الاسلامية العراقية عضو الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور صادق الشمري تحدث الى «المدى» بالقول ان نمو الودائع لدى المصارف الاسلامية في العراق وحجم رؤوس اموالها الذي تجاوز ملياري دولار قد ساعد على بلورة فكرة اجتماع مشترك لـ 10 مصارف اسلامية يكرس لتناول موضوع الشمول المالي لصلته في تمكين الافراد والمجتمعات من العمل وتحويل الطاقات الكامنة الى منتجة في مختلف الاختصاصات الى جانب مساهمته في الحد من نسب الفقر من خلال دوره في رفع نسب النمو الاقتصادي مشيراً الى ان الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في العراق حاليا تعد بيئة مشجعة ومؤاتية لحصول جميع شرائح المجتمع على التمويل والخدمات المالية التي تعد أمرا أساسيا لتعزيزه في المنطقة من خلال الأهداف الانمائية للالفية الجديدة.
و عزا الشمري تزايد الاهتمام العالمي بموضوع الشمول المالي الى أسباب عدة في مقدمتها عدم امتلاك اعداد كبيرة من السكان في مختلف الدول وخصوصا آسيا وافريقيا حسابات مصرفية في المؤسسات المالية الرسمية، وانخفاض معدل الاقتراض من المؤسسات المالية الرسمية وكذلك الأمية المصرفية, منوها انه « على الصعيد العالمي تم احراز تقدم كبير في توسيع نطاق هذا المفهوم فقد إرتفع عدد الاشخاص الذين يمتلكون حسابا في مؤسسة مالية بنحو 700 مليون شخص بين عامي 2011 و2014 ففي العام 2014 امتلك 62 بالمئة من سكان العالم البالغين حسابا مصرفيا حيث إرتفعت هذه النسبة من 51 بالمئة عام 2011».
وقال الشمري انه «في المقابل توجد فوارق إقليمية واسعة في ملكية الحسابات حيث امتلك 94 بالمائة من البالغين في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) حسابات مصرفية في العام 2014 مقارنة مع 54 بالمئة في دول الاقتصادات النامية. وحتى يومنا هذا فان حوالي ملياري نسمة او 38 بالمئة من البالغين في العالم لا يحصلون على خدمات مالية رسمية او لا يتعاملون مع البنوك بسبب ارتفاع التكاليف وبعد المسافات والمتطلبات المرهقة في غالب الاحيان لفتح حسابات مالية. بالاضافة الى ذلك هناك فجوة واسعة في ملكية الحسابات المصرفية بين الذكور والاناث حيث بلغت هذه الفجوة 7 بالمئة عالميا و 9 بالمئة في البلدان النامية والجدير بالذكر ان النساء يشكلن 55 بالمئة من البالغين الذين لايتعاملون مع البنوك».
و لفت الشمري الى «أهمية اعتماد مبادئ الحوكمة أي الادارة الرشيدة في الحفاظ على حقوق جميع المساهمين وإذكاء دور أصحاب المصالح, وتعزيز ثقافة الشفافية والافصاح، وتحديد نسب من الائتمانات الممنوحة في المصارف للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة»، مشددا على «إبتكار وتنويع خدمات متطورة وتطوير المنتجات والخدمات المالية في المنطقة بهدف تقديم خدمات مبتكرة وذات تكلفة منخفضة مخصصة لجميع شرائح المجتمع بغض النظر عن النوع والجنس»، مشيرا الى «أهمية اعتماد المنتجات التي تقدمها المصارف الاسلامية لاعطاء دفع للشمول المالي عبر السماح للافراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة الذين يفضلون التعامل بالعمليات المالية المتوافقة مع الشريعة للتعامل مع النظام المصرفي».
و اعتبر الشمري صدور قانون ينظم عمل البنوك الاسلامية في العراق مؤخرا مساهمة جادة لتفعيل منتجات الصيرفة الاسلامية مع ضرورة ابتكار منتجات تتلاءم والشريعة وكذلك حاجات المجتمعات التي أصبحت تتجه الى هذا النوع من الخدمات المصرفية.
الشمري أشار ايضا الى أن «المؤتمر المصرفي العربي الذي اختتم اعماله في بيروت الاسبوع الماضي وشاركت فيه المصارف الاسلامية العراقية خصص وقتا لتدارس تطوير واقع الصيرفة الاسلامية ودور الشمول المالي في تحقيق الجدوى الاقتصادية وقد شهد مشاركة نوعية تمثلت باكثر من 800 شخصية قيادية مالية ومصرفية عربية ودولية وبحضور وزراء وحكام مصارف مركزية من 24 دولة».
وأضاف إن «توصيات المؤتمر ركزت على إدراج الشمول المالي كهدف ستراتيجي جديد للحكومات والجهات الرقابية، وتحقيق التكامل بين الشمول المالي والإستقرار المالي والنزاهة المالية والحماية المالية للمستهلك لتحقيق الإطار المتكامل للشمول والإستقرار الماليين، فضلا عن حث صانعي القرار على أهمية تحقيق التناغم بين ستراتيجيات تنمية المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وإيلاء التثقيف المالي الأهمية اللازمة لشريحة كبيرة من المجتمعات العربية» وأشار الى ان «الإهتمام بالنظم الالكترونية وتعظيم الاستفادة من التطور الكبير في الخدمات والمنتجات المالية المبتكرة وتطوير البنية التحتية للنظام المالي العربي، وتحسين أنظمة الإئتمان، وحماية حقوق الدائنين كانت من أبرز التوصيات التي خرج بها المؤتمر حيث دعت الى خلق بيئة مشجعة لحصول الشباب والنساء على التمويل والخدمات المالية وتوسيع نطاق الخدمات المالية لتشمل أوسع المناطق الريفية في الدول العربية وتقديم خدمات مبتكرة ذات تكلفة معقولة، مخصصة للفئات الفقيرة وهو ما ستعمل عليه المصارف الاسلامية في العراق».
© Al Dustour 2015