الصناديق الاستثمارية في الأردن.. أين مصارفنا الإسلامية؟ 2/3
في مقالنا السابق تحدثنا حول الحاجة لوجود صناديق استثمار إسلامية، تكون لديها القدرة والكفاءة لجذب مدخرات صغار المدخرين غير الفاعلة وإعادة توظيفها في النشاط الاقتصادي والتي يمكن لها أن تسهم في استثمارات حقيقية تلبي حاجات اقتصادنا من التمويل اللازم بدل اللجوء إلى مصادر التمويل ذي الكلفة المرتفعة بسبب سعر الفائدة، سواء كانت هذه المصادر داخلية أم خارجيّة، إضافة إلى الخدمة الاجتماعية التي ستنعكس وبكل تأكيد على مجتمعنا بانتقال المدخرات ورؤوس الأموال غير النشطة الى المشاركة في النشاط الاقتصادي للمجتمع، والذي سيكون بمثابة نوع من أنواع التكافل الاقتصادي والاجتماعي.
وبإلقاء نظرة على واقع صناديق الاستثمار في الأردن، نجد أنه يوجد ثلاثة صناديق استثمار مشتركة غير إسلامية هي صندوق الأفق، صندوق الثقة، وصندوق بنك الإسكان، علما بأنه تمت تصفية صندوق رابع يعرف باسم صندوق النمو المُؤسس من قبل بنك الاستثمار الأردني، اضافة الى العديد من الصناديق الخاصة، أي التي لا ترتبط بعلاقة رقابية مع هيئة الأوراق المالية مثل صندوق الضمان وصناديق الشركات والجامعات وما شابه ذلك، وقد شهدت صناديق الاستثمار المشترك انحدارا حادا في موجوداتها في السنوات الأخيرة وتحديدا بعد العام 2008، مما أثر على أدائها، وهذا ما يمكن تفسيره بحدوث الأزمة المالية العالمية وما تسببت به من أثر بالغ على جميع القطاعات الاقتصادية والمالية ومنها الصناديق الاستثمارية.
كما ويوجد في الجهاز المصرفي الأردني أربعة بنوك إسلامية هي البنك الإسلامي الأردني، والبنك العربي الإسلامي الدولي، وبنك الأردن دبي الإسلامي، ومصرف الراجحي. تستحوذ هذه البنوك الأربعة على أكثر من 15 % من السوق المصرفي الأردني، وليس لديها أي صندوق استثمار مشترك على حد علمنا، علما بأن البنية الأساسية لهذه الصناديق متوفرة لديهم والمتمثلة في الأدوات الاستثمارية وفائض السيولة، إضافة الى العامل المهم وهو العامل النفسي والاعتقاد الديني لدى العديد من المستثمرين الصغار ممن يبحثون عن توظيف مدخراتهم بما يتلاءم وأحكام الشريعة الإسلامية.
إن مبادرة المصارف الإسلامية الى القيام بتأسيس صناديق استثمارية تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية وتقوم على فكرة المضاربة الجماعية سوف يكون بمثابة نقلة نوعية في أدائها وخدمة للمجتمع، وستسهم هذه الصناديق في حال وجودها في زيادة حصة هذه المصارف من السوق المصرفية المحلية، إضافة إلى الخدمة الاجتماعية التي ستنعكس وبكل تأكيد على مجتمعنا، ونعتقد بأن العوامل الموضوعية لنجاح مثل هذه الصناديق ترتبط بعوامل عدة منها:
– وجود العديد من صغار المدخرين الذين يرغبون في استثمار مدخراتهم بالطريقة الحلال خوفاً من الوقوع في الربا.
– حاجة الاقتصاد الوطني للسيولة لتمويل المشاريع التنموية بدل اللجوء الى التمويل الخارجي ذي الكلفة المرتفعة بسبب سعر الفائدة، سواء كانت هذه المصادر محلية أو أجنبية.
– أن البيئة التشريعية والقانونية لتأسيس الصناديق الاستثمارية رغم تشددها، إلا أنها تبقى أرضية قابلة لقيام مثل هذه الصناديق.
– رغبة العديد من المغتربين باستثمار أموالهم داخل الوطن وبالتالي فهم يبحثون عن وسائل استثمار تتيح لهم ذلك، والذي يتيح لنا كذلك تعزيز الاحتياطيات من العملات الصعبة، وبالنتيجة المساهمة في الاستقرار النقدي للبلد.
– وجود فائض سيولة مرتفع لدى المصارف الإسلامية يمكن الاستفادة منه عند تأسيس هذه الصناديق.
نتوجه الى المصارف الإسلامية العاملة في الأردن، فهناك تسارع في تبني فكرة تأسيس صناديق استثمارية من منطلق المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية وهم أصحاب الرسالة الأخلاقية، علما بأن البنية الأساسية لهذه الصناديق متوفرة لديهم والمتمثلة في الأدوات الاستثمارية وفائض السيولة، وإننا على يقين بأن ذلك سوف يعزز من الثقة بمصارفنا الإسلامية ويحقق لها مكتسبات جديدة ويعمل على زيادة حصتها من السوق المصرفي الأردني.