الحوالات البنكية
الحوالات البنكية معاملة مستجدة نشأت بعد ظهور الأنظمة المصرفية الحديثة,و هي واحدة من أهم العمليات البنكية و أوسعها انتشارا في العالم.و تقدم البنوك الاسلامية هذه الخدمة لتلبية احتياحات زبائنها و تسهيل قضاء أغراضهم.
الحوالة البنكية هي أمر صادر عن البنك (المحول) بناءا على طلب أحد عملائه الى فرع أو بنك أخر سواء داخل البلد أو خارجه (البنك الدافع) يطلب فيه دفع مبلغ من النقود الى شخص مسمى (المستفيد).
و تعرف هذه العملية المصرفية عمليا بالحوالة الصادرة أو الحوالة الواردة. فالأولى يقصد بها الحوالة التي يصدرها البنك بطلب من شخص معين الى بنك أخر قد يكون فرعا للبنك نفسه, ليدفع مبلغا معينا الى شخص أخر محدد. أما الحوالة الواردة فهي الأمر الوارد للبنك من بنك أخر أو من فرع له,لدفع مبلغ معين من النقود لشخص محدد.
تتضمن عمليات الحوالة البنكية تدخل الأطراف الأساسية التالية:
- طالب التحويل: هو الشخص أو الجهة التي تأمر بنقل مبلغ معين من المال إلى طرف آخر (المستفيد)، وقد يكون طالب التحويل مدينا للمستفيد أو غير مدين، كما أن طالب التحويل قد يطلب تحويل المبلغ خصما من حسابه لدى البنك أو بتقديمه المبلغ نقدا، و يسمى طالب التحويل أيضا الآمر.
- المستفيد: هو الشخص أو الجهة التي سيسلم إليها مبلغ الحوالة، و قد يكون المستفيد هو طالب التحويل نفسه أو طرف ثالث مستقل. كما قد يكون المستفيد مقيم في نفس البلد و يتسلم المبلغ بنفس عملة التحويل أو أنه يستلمه بعملة أخـرى مغايرة.
- البنك الآمر: هو الذي يتلقى أمر الحوالة، فيقبض المبلغ المطلوب تحويله من عميله طالب التحويل، ثم يقوم بتسليم ذلك المبلغ مباشرة للمستفيد أو من خلال بنك آخر مراسل له يأمره بالسداد.
- البنك الدافع: إذا كان حساب كل من طالب التحويل والمستفيد في ذات البنك فإن عملية التحويل تتم بواسطة بنك واحد، ويكون البنك الآمر هو نفسه البنك الدافع. أما إذا كان حساب كل منهما في بنك مختلف، فإن البنك الدافع هو الذي يقوم بتسليم مبلغ الحوالة للمستفيد بناء على طلب البنك الآمر.
- المصرف المغطى: هو الذي يتولى تسوية الدفع بين المصرف الآمر ( متلقي الحوالة) والمصرف المنفذ ( دافع الحوالة). وقد يكون المصرف المغطي هو الدافع نفسه.
و قد تكون الحوالات البنكية إما حوالات داخلية أو حوالات خارجية:
أولا: الحوالات الداخلية
تتمثل في عملية نقل البنك النقود من مكان الى اخر بنفس البلد بناءا على طلب أحد عملائها. و يشترط في هذه الحالة أن يقوم طالب التحويل بايداع المبلغ المراد تحويله لدى البنك او أن يكون له حساب جار به يغطي هذا المبلغ, حتى يقوم البنك بتحويله الى الشخص الذي يسميه العميل.و يتقاضى البنك عمولة أو أجرة على ذلك.و يتم التحويل عن طريق ارسال اشعار من البنك الى البنك المحول اليه عبر البريد,الفاكس,الهاتف أو عبر أي وسيلة أخرى جاري بها العمل.
و لا تخرج الحوالات الداخلية التي تتم بعملة واحدة كعملة البلد عن كونها وكالة بأجرة,حيث ان البنك ما هو الا منفذ لطلب العميل و بالتالي فان حكمها الشرعي أنها جائزة لأن الوكالة جائزة شرعا سواءا بأجرة أو بدون أجرة.
ثانيا: الحوالات الخارجية
هي عملية نقل البنك للأموال على المستوى الخارجي أي من دولة الى أخرى.و يشترط هنا أيضا قيام العميل بايداع المبلغ المراد تحويله أو أن يكون له حساب جار لتغطية الحوالة.و يتقاضى البنك عمولة أو أجرة مقابل العملية.
و تتضمن هذه الحدمة هنا أكثر من معاملة, فهي بالاضافة الى الوكالة بأجر تشتمل على عملية الصرف, فيستفيد البنك من عائد بيع و شراء العملات اضافة الى أجرة عملية التحويل. و يجب هنا أن يقوم البنك ببيع العملة التي سيتم بها التحويل بالعملة التي يملكها طالب التحويل فورا بسعر الصرف الحاضر يوم اجراء الحوالة و قبل أن تتم عملية التحويل. و لكي يتحقق شرط التقابض المطلوب في عملية الصرف لابد من تقييد البنك لعملية التحويل حسابيا في سجلاته و تسليم العميل توصيلا بذلك يقوم مقام القبض, و بالتالي يتحقق القبض الحكمي و تكون الحوالات الخارجية جائزة شرعا.
و قد أقر مجمع الفقه الإسلامي بأن التقابض يتحقق شرعا بالقيد لصالح العميل, و هذا ما نص عليه المعيار الشرعي للمتاجرة بالعملا:
يجوز إجراء حوالة مصرفية بعملة مغايرة للمبلغ المقدم من طالب الحوالة. و تتكون العملية من صرف بقبض حقيقي أو حكمي بتسليم المبلغ لإثباته بالقيد المصرفي، ثم حوالة للمبلغ بالعملة المشتراة من طالب الحوالة، و يجوز للمؤسسة أن تتقاضى من العميل أجرة حوالة .
إن العمولة التي يأخذها المصرف هي مقابل توكيل المصرف في نقل النقود إلى العميل، و العمولات جائزة شرعا سواء كانت بمبلغ مقطوع أو بنسبة من المبلغ المحول.
بناءا على ما سبق تتجلى لنا الأهمية الكبيرة التي تتميز بها هذه الخدمة و الدور الاقتصادي الفعال الذي تلعبه من خلال تيسير تحويل النقود من مكان لآخر ومن شخص لآخر دون حاجة إلى نقلها ماديا, كونها في متناول الجميع لقلة تكلفتها. كما يمكن استخدامها كأداة دفع سريعة و سهلة الاستخدام للوفاء بالالتزامات المحلية أو الدولية لما تتمتع به من أمان نتيجة إجراءات المتابعة و المراقبة الحديثة لدى البنوك. الحوالات المصرفية هي أيضا وسيلة مشروعة و نافعة فيها مصلحة, و ليس هناك في الشريعة ما يمنعها.
هذه المزايا جعلت خدمة الحوالات البنكية تلاقي إقبالا كبيرا من شريحة واسعة و متنوعة من الزبناء. و قد ترجم هذا الإقبال الى قيام البنوك بانشاء و تخصيص فروع لتحويل الأموال ظهور شركات متخصصة في إجراء عمليات التحويل النقدي داخليا و خارجيا.
رغم ما قد يعتري هذه الحدمة من بعض السلبيات التي لا تعود الى خدمة الحوالة بحد ذاتها و انما الى بعض الحيثيات و الأثار الجانبية كاستعمالها في أعمال مشبوهة من قبيل تهريب او غسيل الأموال, فضلا عن انعكاساتها على ميزان مدفوعات الدولة, فإن ذلك لاينقص من قيمة الدور الذي تلعبه خدمة التحويل النقدي في تلبية احتياجات العملاء سواء كانوا أفرادا أو هيئات خاصة أو حكومية، خاصة في وقتنا الحاضر الذي تعرف فيه المعاملات زخما كبيرا في مختلف الأنشطة و الميادين .