البطاقات البنكية
أصبحت البطاقات البنكية في وقتنا الحالي تشغل حيزا كبيرا في حياتنا اليومية, فقد انتشرت انتشارا كبيرا في جميع أنحاء العالم بحيث فرضت نفسها كوسيلة أداء و ائتمان حتى أصبحت تستخدم أكثر من النقود في بعض الدول المتقدمة. و لا تختلف البنوك الاسلامية في توفيرها لهذه الخدمة المهمة عن باقي البنوك التقليدية سوى في التزامها بأحكام الشريعة لتلبية متطلبات عملائها.
عرف مجمع الفقه الاسلامي البطاقات البنكية بأنها مستند يعطيه مصدره لشخص طبيعي أو اعتباري بناءا على عقد بينهما, يمكنه من شراء السلع او الخدمات ممن يعتمد المستند دون دفع الثمن حالا لتضمنه التزام المصدر بالدفع.
البطاقات البنكية بعبارة أخرى هي مستند خاص يصدره مصرف أ شركة مالية, يتمكن به حامله من الحصول على سلع أو خدمات أو نقود ممن يقبل التعامل بهذا المستند, ليستوفيها من الجهة التي أصدرته على أن يسدد حامله لمصدره فيما بعد قيمة السلعة أو الخدمات أو النقود التي حصل عليها.
و البطاقات البنكية عبارة عن بطاقات بلاستيكية أو من لدائن أخرى ذات أحجام متساوية بمواصفات فنية عالمية محددة و مميزة بحيث يصعب تزويرها. و هذه البطاقات تصدرها البنوك ضمن ألية معينة و اتفاقيات محددة فيما بينها و بين الشركات العالمية المصدرة لهذه البطاقات مثل شركة فيزا (visa) و ماستر كارد (master card).
تنقسم البطاقات البنكية الى بطاقات ائتمانية و أخرى غير ائتمانية:
أولا: البطاقات غير الائتمانية
هي التي تنطوي على تقديم خدمة من البنك مصدر البطاقة الى عميله في حدود رصيد حسابه الدائن فقط. و يندرج تحت هذا التصنيف ما يسمى ببطاقات الخصم الفوري (debit card) التي تمنح لكل من يتوفر على حساب لدى البنك المصدر للبطاقة, و لا يتمكن من استعمالها إلا في بمقدار رصيده. و يستطيع الشخص استخدامها وقتما أراد عبر أجهزة الصراف الألي و نقاط البيع المعتمدة في تسديد قيمة مشترياته و السحب من رصيده,و تحويل الأموال بين الحسابات و غير ذلك من العمليات البنكية.
و الزبون في هذا النوع من البطاقات لا يتحمل رسوما غالبا إلا في حالة السحب النقدي من أجهزة الصراف الآلي للبنوك الأحرى. و هناك أيضا بعض البنوك التي تتقاضى من الزبون نسبة من ثمن المشتريات. و لا يعتبر هذا النوع من البطاقات من أنواع البطاقات الائتمانية كونها لا تنطوي على قرض لحاملها و لا تحتسب عليها فوائد.
يجوز للبنوك إصدار هذه البطاقة ما دام أن حاملها يسحب من رصيده و لا يترتب على التعامل فائدة ربوية, فليس فيها قرض من البنك للعميل. و الأجور التي يأخذها البنك على هذه البطاقات جائزة أيضا سواء أكانت مقابل الإصدار أم السحب النقدي أو دفع ثمن المشتريات، و سواء أكانت تلك الأجور بمبلغ مقطوع أم بنسبة من المبلغ المسحوب أو من ثمن الشراء، لأن هذه الأجور مقابل الخدمات المقدمة من البنك. فلا يترتب على أخذها محظور شرعي.
كما يجوز استخدام بطاقة الخصم الفوري في شراء الذهب وما يجب فيه القبض شرعا لأن خصم النقود من المشتري وقيدها في حساب البائع يتم فورا عند الشراء.
ثانيا: البطاقات الائتمانية
هي بطاقات تنطوي على منح ائتمان من البنك المصدر للبطاقة لحامل البطاقة بحيث يستطيع هذا الأخير أن يسحب نقدا أو يدفع ثمن مشترياته من السلع و الخدمات في حدود سقف البطاقة بغض النظر عن رصيده. و يقوم البنك بدفع المبالغ المستحقة على العميل عند استخدامه للبطاقة ثم يطالبه بعد ذلك بأداء هذه المبالغ له. ولذلك سميت هذه البطاقات بالبطاقات الائتمانية لاشتمالها على القرض الذي يعتبر من صور الائتمان.
و يتضمن هذا النوع البطاقات التالية :
1- بطاقة الاعتماد (الخصم الشهري charge card) : يمكن للعميل في هذا النوع من البطاقات السحب النقدي أو دفع أثمان المشتريات و الخدمات بغض النظر عن توفر رصيد كاف أو لا, و بما لا يتجاوز سقف البطاقة الممنوح له. و هي بطاقات يطالب حاملها بتسديد المبالغ المستحقة عليه دفعة واحدة بدون زيادة، بعد مضي فترة سماح متفق عليها تتراوح عادة ما بين ثلاثين إلى ستين يوما. و إذا تأخر الزبون في تسديد ما عليه بعد هذه الفترة يترتب عليه فوائد ربوية (في البنوك التقليدية).
بالتالي تشكل هذه البطاقات أداة ائتمان و وفاء في حدود سقف معين لفترة معينة. كما أن نظام هذه البطاقات لا يتيح تسهيلات ائتمانية متجددة للعميل، فيسدد مشترياته خلال الفترة المحددة, لذلك سميت أيضا بطاقات القرض الغير المتجدد.
تجوز هذه البطاقات بشرط ألا يشتمل عقد البطاقة على اشتراط غرامة عند تأخر حامل البطاقة في السداد للبنك لأن ذلك يعتبر ربا محرما. كما يجب ألا يستخدمها حامل البطاقة في السحب النقدي إذا كان البنك يأخذ عمولة نسبية عن كل عملية سحب، أو أجرا مقطوعا يزيد عن قدر التكلفة الفعلية لتلك العملية. و تفسير ذلك أن السحب النقدي بالبطاقة الائتمانية يكيف شرعا على أنه قرض من البنك لحامل البطاقة، فلا يجوز بالتالي أن يأخذ البنك فائدة على هذا القرض لأنه ربا. ولكن يجوز له أن يأخذ أجورا بقدر التكلفة التي تحملها لإتمام هذه العملية, أي أن تكون أجور السحب النقدي مبلغا ثابتا و بقدر التكلفة الفعلية. كما يشترط على العميل عدم التعامل بالبطاقة فيما يخالف الشريعة .
يجوز استخدام بطاقة الخصم الشهري في شراء الذهب لأن البنك يقيد الثمن لصالح البائع فور إجراء عملية البيع، و القيد في الحساب يعد في العرف قبضا ولو لم تسلم النقود بالفعل.
2-بطاقة الائتمان المتجدد(Evoving Credit Card): و هي تشبه بطاقة الاعتماد, فلا يلزم أن يكون للعميل حساب لدى البنك المصدر للبطاقة و في حالة توافره لا يشترط توافر رصيد لخصم ما عليه .و يعطى حامل البطاقة في هذا النوع سقفا ائتمانيا أعلى مع مطلق الحرية في السداد فورا أو على أقساط شهرية مقابل دفع فوائد على المبالغ التي استعملها عن المدة المتفق عليه، بحيث تعطي العميل – حامل البطاقة – قدرة على استخدامها ما دام منتتظما في تسديد الفوائد المستحقة عليها شهريا .
و تتميز هذه البطاقة بخصائص، مِن أهمها:
- تُعتبر أداة حقيقية للحصول على القرض.
- لا يُشترط لحصولها وجود رصيد دائن بالبنك.
- يمكن معها طلب البطاقات الإضافية لأفراد الأسرة.
- يمكن لحاملها شراء الحاجيات والخدمات بالبطاقة، أو برقم الحساب.
- يمكن لصاحبها مِن السحب النقدي مِن جهاز الصرف الآلي (A.T.M) في حدود سقفها الائتماني.
- تفرض الفوائد على السحب النقدي من أول يوم إلى حين السداد بالكامل، و أما الدَّيْن الناشئ عن شراء السلع والخدمات، فإن حاملها يُخير بين سداد الدَّين كاملا في فترة السماح المجَّانية (Interest Free Period)، وبين دفع جزء قليل من المستحقات، و تدوير الباقي إلى فترات لاحقة للتسديد بالأقساط مع الفائدة.
- تتسم هذه البطاقة بفرض الفوائد المركَّبة مع غرامة التأخير على سداد المبلغ المدين، وقد تصل هذه الفوائد إلى ضعف فوائد الديون المصرفية العادية، وهي تزيد بزيادة المدة، فتفرض لكل شهر متأخر فوائد على المبلغ الأصلي، وعلى الفوائد نفسها، فكلما زاد الأجل زادت الفوائد.
- في حالة عدم سداد المبلغ المستحق لمدة معينة يتم وقف البطاقة، وملاحقة حامل البطاقة بالوكالات المختصة، أو بالقضاء.
- لا يستطيع صاحب بطاقة السحب من الرصيد أن يسحب أو يشتري بأكثر من رصيده, لأن بطاقته مرتبطة برصيده ارتباطا مباشرا، وقيمة شراء السلع أو الخدمات تحول رأسا من حساب العميل إلى حساب التاجر، بخلاف البطاقة الائتمانية، فهي لا ترتبط برصيد حاملها، بل قد لا يكون له رصيد في البنك المصدر للبطاقة, و إنّما يعتمد على ثقة المصدر بالملاءة المالية لحاملِ البطاقة، وقدرته على السداد وقت الدفع.
- صاحب بطاقة السحب من الرصيد إذا سحب أو اشترى ببطاقته، لا يعتبر مدينا للبنك بقيمة ما سحب أو اشترى، وإنما يعتبر مستوفيا لديْنه أو بعضه، بخلاف صاحب البطاقة الائتمانية، فإنه يعتبر مدينا للبنك بمقدار ما سحب أو اشترى، و يعد البنك المصدر مقرضا لحامل البطاقة بذلك المبلغ.
- بطاقة السحب من الرصيد تعتبر من بطاقات السداد الفوري، أما البطاقات الائتمانية فهي من بطاقات السداد المؤجل، سواء كان السداد دفعة واحدة، أو كان السداد على شكل أقساط، وذلك بتدوير الدَّيْن.
- لا يدفع التاجر أي رسوم إذا استخدم المشتري بطاقة السحب من الرصيد، بخلاف البطاقات الائتمانية، فإن التاجر/البائع يدفع عمولة للبنك، تُقدر بنسبة مئوية مِن قيمة الفاتورة.
1.مُصدر البطاقة: وهو البنك أو المؤسسة التي تُصدر البطاقة بناءا على ترخيص معتمد من المنظمة العالمية بوصفه عضوا فيها، ويرتبط مصدرُ البطاقة مع حاملها بعقد يلتزم بمقتضاه إصدار بطاقة مقبولة كوسيلة للوفاء لدى عدد كبير من المحلات التجارية، و يقوم بالسداد والضمان نيابة عن حامل البطاقة للتاجر.
2.حامل البطاقة: وهو عميل البنك الذي صدرت البطاقة باسمه، و يلتزم لمُصدرها بالوفاء بكل ما ينشأ عن استعماله لها.
3.التاجر: وهو قابلُ البطاقة، بحيث يلتزم مع مُصدر البطاقة على تقديم السلع والخدمات التي يطلبها حامل البطاقة مقابل التزام مُصدر البطاقة بتقديم الضمان له بقيمة المشتريات التي ينفذها حامل البطاقة.
و قد ينضم إلى أطراف هذه العلاقة الثلاثية المذكورة طرفان آخران هما:
4.المنظمة الراعية للبطاقة: هي التي تملك العلامة التجارية للبطاقة، وتقوم بالإشراف على إصدار البطاقات وفق اتفاقيات خاصة مع البنوك المُصدرة، ومن أشهر هذه المنظمات “فيزا”، و “ماستر كارد”.
5.بنك التاجر: و لا تكون العلاقة خماسية الأطراف إلا في حالة إذا ما كان شراء السلع والخدمات من تاجر يتعامل مع بنك غير مصدر البطاقة، فيقوم هذا البنك بدفع فواتير البيع للتجار، ومتابعة تحصيلها من البنوك المصدرة للبطاقة مقابل عمولة مقررة متفق عليها بين الطرفين (بنك التاجر، والتجار المتعاملين بالبطاقة)، ولا يمكن أن يقوم بنك التاجر بهذه المهمة إلا بعد اعتماده رسميا كبنك تاجر من قِبل المنظمة الراعية للبطاقة.
من الممكن أيضا أن تكون العلاقة التي تجري بالبطاقة ثنائية فقط، كما لو كان التعامل بين مُصدر البطاقة وحاملها، وذلك في حالة واحدة هي حالة السحب النقدي عن طريق مصدر البطاقة.
إجمالا يجوز لحامل البطاقة أن يسحب منها مبلغا نقديا، سواء في حدود رصيده أو أكثر منه بموافقة المؤسسة المصدرة، على أن لا يترتب على ذلك فوائد ربوية. أما في حالة سحب حامل البطاقة من آلات صراف مغايرة للمؤسسة المصدرة للبطاقة فلا بأس أن تتقاضى المؤسسة المصدرة رسما مقطوعا يتناسب مع خدمة السحب النقدي، وليس متناسبا مع المبلغ المسحوب.
كما لا يجوز للبنوك الاسلامية أن تمنح حامل البطاقة ميزات تحرمها الشريعة، مثل التأمين التقليدي على الحياة، أو دخول الأماكن المحظورة، أو تقديم الهدايا المحرمة. في المقابل لها أن تمنح الحامل ميزات لا تحرمها الشريعة، مثل أن يكون لحاملها أولوية في الحصول على الخدمات، أو تخفيضات في الأسعار لدى حجوزات الفنادق و شركات الطران أو المطاعم و نحو ذلك.
تتجلي لنا أهمية الدور الذي تلعبه البطاقات البنكية على عدة مستويات, فهي توفر لحامل البطاقة مستوى مميزا من الأمان سواء من الأخطار المرتبطة بحمل النقود كالسرقة أو احتمالية تزويرها نظرا لتقنيات الحماية التي تتوفر عيها, كما تغني البطاقة البنكية في كثير من الحالات عن تصريف العملات من بلد الى بلد مما يجعلها من الطرق الممتازة و الرائجة في تسوية المدفوعات الدولية.
تساعد البطاقات البنكية كذلك البنوك على الاحتفاظ بعملائهم و استقطاب أخرين, كون أغلب المصارف تتطلب فتح حساب للحصول على البطاقة مما يوفر سيولة مهمة للبنك. هذا بالاضافة الى انها أقل مخاطرة من التسهيلات الائتمانية في بعض الأحيان.
و تمتد ميزات البطاقات البنكية لتشمل التاجر الذي يقبلها كوسيلة أداء, فهو يستفيد من ضمان البنك للدين المتمثل في قيمة السلع التي يشتريها العملاء, مما يضفي المزيد من الثقة و الاستقرار الى هاته العملية.كما يتمكن التاجر من خلال توفيره لخدمة الدفع بالبطاقة البنكية من استقطاب أصحاب البطاقات مما يزيد من زبائنه و بالتالي مبيعاته و أرباحه.
جزاكم الله خيرا
بغيت نصيب البطاقة البنكية
قالو ليا كتصيبو بالطاقة البنكية فابور الناس لعندهوم قل من 30 سنة