الأسهم
تعتبرالأسهم أداة تمويل أساسية لتكوين رأس المال في الشركات المساهمة, إذ تطرح للاكتتاب العام ضمن مهلة محددة و ضوايط معينة يعلن عنها في نشرة الإصدار.
يقصد بالسهم الحصة التي يقدمها الشريك في شركات المساهمة, و هو يمثل جزءا معينا من رأس مال الشركة, و يتمثل في صك يعطى للمساهم و يكون وسيلة إثبات حقوقه في الشركة. و تتميز الأسهم بعدد من الخصائص نذكر منها:
- التساوي في القيمة الاسمية للأسهم: و الحكمة من ذلك تسهيل تحديد الأغلبية في الجمعية العمومية و تسهيل عملية توزيع الأرباح و الخسائر على المساهمين.
- التساوي في الحقوق التي يمنحها السهم: و هي الحق في التصويت و ناتج التصفية, و سائر الالتزامات الأخرى الناشئة عن ملكية السهم.
- مسؤولية الشركاء تكون بحسب قيمة السهم: فلا يُسأل حامل السهم عن ديون الشركة الا بمقدار الأسهم التي يملكها.
- عدم قابلية السهم للتجزئة: فإذا تملكه أشخاص متعددون سواء عن طريق الشراء أو الارث, وجب عليهم أن يختاروا أحدهم ليكون وكيلا عنهم في استعمال الحقوق المختصة بالسهم في مواجهة الشركة.
- قابلية الأسهم للتداول: إذ يجوز للمساهم أن ينقل ملكية أسهمه لشخص أخر يحل محله في الشركة. و يتم نقل الملكية بالتسليم اذا كان السهم لحامله و بالقيد في سجل الشركة اذا كان السهم إسميا.
و يمنح السهم مالكه مجموعة من الحقوق الأساسية, و نذكر منها :
- حق البقاء في الشركة, فلا يجوز طرده و لا نزع ملكية أسهمه دون إرتكابه ما يستوجب ذلك قانونا .
- حق التصويت في الجمعية العمومية .
- حق الحصول على نصيبه من أرباح الشركة, و كذلك الموجودات عند التصفية .
- حق مراقبة أعمال الشركة (مراجعة الميزانية و حساب الأرباح…).
- الحق في مقاضاة أعضاء مجلس إدارة الشركة, بسبب التقصير في مهامهم .
- حق الأولوية في الإكتتاب في الأسهم الجديدة .
- حق التصرف في أسهمه بالبيع أو الهبة أو غير ذلك .
ذهب أغلبية العلماء المعاصرين الى إباحة الأسهم لأن الأصل في المعاملات الإباحة, كما أنها لا تتعارض مع الشريعة الاسلامية و تتوافر فيها الشروط الشرعية المطلوبة في الشركات. بالتالي فالتعامل بالأسهم جائز و لكن بالشروط الأتية:
- أن تكون الأسهم صادرة عن شركات ذات أغراض مشروعة كشركات الأدوية أو تقديم الخدمات كالكهرباء.
- أن تكون الأسهم صادرة عن شركة معروفة و معلومة للناس بحيث تتضح سلامة تعاملها و نزاهته.
- خلو تعامل الشركة من أي محظور شرعي كالربا و الغرر أو الغش و التدليس و أكل أموال الناس بالباطل.
و قد اختلف العلماء العاصرون في حكم المساهمة في الشركات ذات الأنشطة المختلطة و يقصد بها الشركات التي تكون مشروعة من حيث الأصل أي تنتج سلعا و خدمات مشروعة لكنها تتعامل في بعض معاملاتها بأنشطة محرمة كأن تقترض أو تودع بفائدة في البنوك.
فهناك من يرى بجواز الأمر معتبرين الربح الناتج عن الفوائد الربوية قليلا و بالتالي مغمورا و تابعا للربح الحلال, بل يمكن فصله و التخلص منه. و ممن ذهب الى هذا القول الهيئة الشرعية للراجحي, ومجمع الفقه الاسلامي, و الهيئة الشرعية للبنك الاسلامي الأردني, و ندوة البركة السادسة, الى جانب عدد من العلماء المعاصرين.
و هناك فريق أخر يرى بحرمة المساهمة في هذا النوع من الشركات مهما كانت نسبة الربا في معاملاتها. و ممن ذهب الى هذا القول: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الافتاء بالسعودية, و الهيئة الشرعية لبنك دبي الاسلامي, و الهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي, و هيئة الرقابة الشرعية للبنك الاسلامي السوداني, و عدد من العلماء المعاصرين.
أما بالنسبة للحكم الشرعي لتداول الأسهم, فهو يختلف بحسب نوع السهم موضوع التداول, فالأسهم تتنوع حسب اعتبارات مختلفة نتطرق لها في ما يلي :
أولا : باعتبار الحقوق التي تعطيها لمالكيها
أ- أسهم عادية: هي التي تتساوى في قيمتها و تعطي المساهمين حقوقا متساوية, فيحصل بموجبها المساهم على قدر من الربح يتناسب مع ما دفعه للشركة دون زيادة أو امتياز أخر, و يتحمل الخسارة بمقدار أسهمه. و هذا النوع هو الأصل في الأسهم, و هو يتوافق مع أحكام الشريعة الاسلامية لأنه قائم على العدالة و تساوي الحقوق و الواجبات.
ب- الأسهم الممتازة: و هي التي تختص بمزايا لا تتمتع بها الأسهم العادية لجذب الجمهور للاكتتاب فيها, من قبيل منح أصحابها حق الأولوية في الحصول على الأرباح أو على أكثر من صوت في الجمعية العمومية. و هي بالتالي لا تجوز لتضمنها للربا من جهة و تنافيها مع مبدأ العدل في الاسلام.
و هناك من يرى بأن هناك نوعا من الإمتياز جائز شرعا, و هو حق الأولوية للمساهمين في الإكتتاب عند تقرير زيادة رأس المال على المساهمين الجدد, و ذلك لأنهم أولى من غيرهم بأن تظل الشركة منحصرة فيهم, بل لا يصح إصدار أسهم جديدة إلا بموافقتهم وفقا لحق الشفعة المقرر شرعا .
ثانيا : من حيث الاستهلاك و استرداد القيمة
أ- أسهم رأس المال: و هي الأسهم التي لا يجوز للمساهم استرداد قيمتها إلا عند التصفية النهائية للشركة, فلا تستهلك قيمتها. و حكمها كحكم الاسهم العادية.
ب- أسهم التمتع: و هي الأسهم التي استهلكت قيمتها بأن رُدت قيمتها الإسمية الى المساهم تدريجيا أو دفعة واحدة أثناء حياة الشركة, و هذا ما يسمى بإطفاء الأسهم .
و الأصل في الأسهم عدم جواز إخراج الشريك باستهلاك أسهمه, لكن هناك حالات معينة تدفع الشركة إلى إخراج أسهم تمتع. من قبيل أن يكون مشروع الشركة قائما على حقوق موقتة, كالحصول على إمتياز من الدولة, حيث تؤول ممتلكات الشركة الى الدولة بانتهاء المدة المتفق عليها, كما هو الحال في شركات إستخراج النفط .
إن أسهم التمتع لا تجوز شرعا إلا في الحالات الآتية :
- أن يُعطى المساهم قيمة السهم الإسمية أقل من القيمة الحقيقة, فتبقى له نسبة في موجودات الشركة و في رأسمالها الإحتياطي, و يستحق حينئذ أن يأخذ جزءا من أرباح الشركة حسب النسبة الباقية من قيمة أسهمه غير المستردة .
- إقتطاع مبلغ معين من أرباح الشركة سنويا و إيداعه بإسم المساهمين, حتى يبلغ قيمة الأسهم جميعا الى حين إنتهاء الشركة أو إنتهاء إمتيازها فيأخذونه .
- التصفية الجزئية المستمرة بإعطاء المساهمين نسبة معينة من قيمة أسهمهم بالتساوي و حسب عدد الاسهم .
بالتالي لا يجوز إنشاء أسهم تمتع إلا بهذه الصور السالفة لأن عقد الشركة في الفقه الإسلامي مبني على المساواة بين جميع الشركاء في تحمل المخاطر و إستحقاق الأرباح .
ثالثا: باعتبارالشكل القانوني
أ- أسهم اسمية: و هي الأسهم التي تحمل اسم صاحبها, و يتم تداولها عن طريق القيد في سجل المساهمين. و يجوز إصدارها شرعا لأن الأصل أن يحمل المساهم الصك المثبت لحصته في الشركة بإسمه .
ب-أسهم لحاملها: و هي التي لا تحمل اسم صاحب السهم عليها, و إنما تقيد فيها عبارة لحاملها فقط, فيعتبر حامل السهم هو المالك في نظر الشركة. و يتم تداولها بطريق الحيازة الفعلية .
و اختلف العلماء المعاصرون في حكم هذا النوع من الأسهم, فهناك من يرى بتحريم اصدارها مستدلين بما ما في ذلك من جهالة الشريك في الشركة، مما قد يفضي الى الخصومة و النزاع و اضاعة الحقوق في حالة سرقة هاته الأسهم أو ضياعها .
أما القول الثاني فيرى بجواز اصدار هذه الأسهم معتبرين ان السهم هو وثيقة إثبات المساهم لحصته من الشركة و ليس هناك ما يلزمه شرعا بأن يدون عليها اسمه. و الى هذا ذهب مجمع الفقه الاسلامي في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 9 – 14 مايو 1992 م .
و من الجدير بالذكر أن التشريعات التجارية في الوقت الحاضر تتجه الى حظر إصدار الأسهم لحاملها, و ذلك للتحقق من جنسية المساهمين و التأكد من حصة المواطنين في رأس مال الشركات, و في نفس الوقت القضاء على التهرب من الضرائب و درء مخاطر السرقة أو الضياع.
رابعا: باعتبار الحصة المدفوعة
أ- أسهم نقدية: و هي التي تدفع نقدا,و تكون قابلة للتداول بمجرد تأسيس الشركة. و هي جائزة شرعا لأن الأصل في الشركة هو تقديم الحصة نقدا .
ب- أسهم عينية: و تعطى مقابل حصص غير نقدية. و هي غير قابلة للتداول قبل نشر الميزانية و حساب الأرباح و الخسائر عن سنتين ماليتين كاملتين لا تقل كل منهما عن 12 شهرا من تاريخ تأسيس الشركة. و يرى جمهور من العلماء بجوازها ما دامت هناك إمكانية لمعاينة الحصة العينية و تقويمها تقويما صحيحا بالنقد .
ج- أسهم مختلطة: و هي الأسهم التي يكتتب فيها المساهم و يدفع قيمتها مختلطا بالنقد و العين. ز هذه الأسهم جائزة حيث يُقدر الجزء العيني بالنقود كحال الأسهم العينية .
خامسا: باعتبار المنح و أو عدمه
أ- أسهم غير مجانية: و هي الأسهم التي يدفع المساهم قيمتها. و لا غبار شرعيا عليها .
ب- أسهم منح (مجانية): و هي الأسهم التي تمنحها الشركة للمساهمين بدون مقابل في حالة زيادة مال الشركة, و ذلك على شكل ترحيل جزء من الأرباح المحتجزة أو الإحتياطي إلى رأس المال الأصلي. و يتم توزيعها حسب قدر الأسهم .
و يجوز هذا النوع من الناحية الشرعية إذا ما تم هذا المنح بالتساوي حسب الأسهم, لأن ذلك مال المساهمين فلهم الحق في الحصول عليه .
سادسا: باعتبار التصويت
أ- الأسهم المصوتة: و هي الأسهم التي تجمع بين حقوق الملكية و حق الإدارة و التصويت و الإنتخاب, و هي جائزة شرعا .
ب- الأسهم غير المصوتة: و هي الأسهم التي تمثل حقوق المشاركة في أرباح المشروع دون أن يكون لمالكيها حق الإدارة أو التصويت أو الإنتخاب أو الترشيح لعضوية مجلس الإدارة .
أما بخصوص أنواع قيمة الأسهم, فهي متعددة و يختلف حكم الفقه منها حسب نوعها. و هي :
1- القيمة الإسمية: و هي التي تكون مبينة على السهم, و يدفعها المساهمون حصة لإشتراكهم عند تأسيس الشركة و يحسب رأس مال الشركة طبقا للقيمة الإسمية لمجموع الأسهم. و يجوز إصدار الأسهم يقيمة إسمية لأن الصك الذي يثبت حصة الشريك في رأس مال الشركة لابد أن يكون مطابقا للمبلغ الذي يساهم به فعلا في رأس المال .
2- قيمة الإصدار: و هي القيمة التي تصدر بها الأسهم الجديدة عندما تريد الشركة زيادة رأس مالها. و قد تكون مساوية, أعلى أو أقل من القيمة الإسمية. أما بخصوص حكمها الشرعي فهي:
• يجوز شرعا إصدار أسهم جديدة بقيمة إصدارية, سواء كانت مساوية للقيمة الإسمية أو أقل منها أو أعلى, لأن العبرة بواقع الحال و بسعر السوق و لتعرضها للربح و الخسارة.
• غيرجائزة إذا كانت أقل من القيمة الحقيقية, لأن ذلك يلحق الضرر بالمساهمين القدامى, حيث تؤدي الى نقصان قيمة أسهمهم أو حرمانهم من حقهم في هذا المال, إلا إذا تم تعويضهم من خلال منحهم أسهما جديدة بقدر حقوقهم, أو دفع الفرق لهم.
• جائزة في حال كانت قيمة الإصدار أعلى من القيمة الحقيقية, إذا كانت تعبر عن سعرها السوقي.
3- القيمة الحقيقية: و هي المقدار الذي يستحقه السهم في جميع أموال الشركة, و يُحسب بحاصل قسمة الموجودات الصافية للشركة على عدد الأسهم المصدرة . و هي جائزة شرعا لأن أرباح الشركة و موجوداتها تنمو و تتضاعف, فتصبح قيمة السهم أكثر من القيمة الإسمية. شرط أن تكون تلك المضاعفة عن طريق حلال.
4- القيمة السوقية: و هي قيمة السهم عند عرضه للبيع في الاسواق التجارية. و تختلف عن القيمة الإسمية بحسب العرض و الطلب, و مدى نجاح الشركة في أعمالها و ضخامة موجوداتها و رأس مالها الإحتياطي, و بحسب الظروف السياسية و الإقتصادية .
و يجوز عرض الأسهم للبيع بأقل أو أكثر من قيمتها الإسمية, لأنها كالسلع و عروض التجارة تختلف بحسب العرض و الطلب و المركز المالي للشركة.
مقالات قد تهمك :
❖ تعريف البنوك الإسلامية
❖ المماطلة في تسديد الديون
❖ الفرق بين المصارف الإسلامية و التقليدية
❖ البنوك التشاركية في المغرب