الفرق بين البنوك الاسلامية و التقليدية
يؤدي التزام البنوك الاسلامية في معاملاتها بأحكام الشريعة الاسلامية الى تميزها عن البنوك التقليدية, بحيث تختلف عنها من حيث المبدأ و المضمون بشكل واضح يستتبع اختلافها أيضا في الأهداف و الوسائل.
ان أهم ما يميز البنوك الاسلامية عن البنوك التقليدية هو اعتمادها في معاملاتها على مبدأ المشاركة في الربح و الخسارة الذي أقرته الشريعة الاسلامية, مع تجنب التعامل بالربا (الفوائد البنكية), عكس البنوك التقليدية التي تعتمد في عملها على نظام الفائدة الربوية أخذا و عطاءا .
تستخدم البنوك التقليدية في تعاملاتها مع العملاء صيغة واحدة هي القرض بفائدة و ذلك تحت مسميات و صور مختلفة, أما البنوك الاسلامية فتقدم صيغا شرعية متعددة قائمة على أساس البيع و الشراء الحقيقي أي مبادلة المال بسلعة موجودة .
يظهر كذلك الفرق بين المصارف الإسلامية و التقليدية, في كون البنوك الاسلامية تتعامل في حدود الأموال الموجودة لديها و لا توظفها في نشاطات محرمة, بينما لا يلتزم البنك التقليدي غالبا في تعاملاته و استثماراته بالشريعة الاسلامية, فضلا عن كونه يتعامل بأكثر من الأموال الموجودة لديه على أساس الربا مما ينتج عنه مشاكل اقتصادية كالتضخم. و الأزمات الاقتصادية الاخيرة لخير دليل على ذلك.
يحتل الاستثمار حيزا كبيرا من معاملات البنوك الاسلامية من خلال استثمار الأموال باعتماد وسائل و صيغ مشروعة و متعددة بما يؤدي الى تعاون رأس المال و العمل, مع تحمل البنك الاسلامي مخاطر الاستثمار. وهذا ما لا يتحقق في البنوك التقليدية التي تولي أهمية كبيرة لعمليات الاقراض على حساب أعمال الاستثمار. ينضاف الى ذلك أن استثمارات البنوك الاسلامية تتطلب منها تملك أصول ثابتة أو منقولة وهو ما لا تستطيع البنوك التقليدية القيام به لكون التملك ممنوعا عليها.
تخضع المصارف الاسلامية بالاضافة الى الرقابة المالية الى رقابة شرعية على مجموع أعمالها للتأكد من مطابقتها لأحكام الشريعة الاسلامية, وذلك من خلال هيئة الرقابة الشرعية المكونة من مجموعة من الفقهاء المشهود لهم بالكفاءة و الخبرة. و تعتبر هذه الرقابة الشرعية أبرز فرق بين البنوك الاسلامية و التقليدية.
فضلا عن ذلك تقوم البنوك الاسلامية اضافة الى دورها الاقتصادي بدور اجتماعي متميز في اطار تحقيق التكافل الاجتماعى من خلال مساهمتها في حل المشاكل التي يعاني منها المجتمع كمشكلة السكن عن طريق تقديم القروض الحسنة, و التبرعات و الزكاة, في حين أن البنك التقليدي لا يهتم بهذه الجوانب الا فيما ندر.
و استمرارا لهذا الدور الإجتماعي المتميز, تأخد الأبناك الاسلامية في تعاملاتها بمبدأ الرحمة و التسامح و اليسر الذي دعت اليه الشريعة الاسلامية, فيعان المدين المعسر و يمهل, و يعاقب المدين المماطل بعقوبة لا تصل تحميله الربا المضاعف. بينما نجد البنوك التقليدية لا ترحم المدين و لا تراعي ظروفه, فإذا لم يقم بتسديد ما عليه في الموعد المحدد فرضت عليه غرامات ربوية أو أسوأ من ذلك الحجز على أمواله المرهونة لديها و بيعها في مزادات بأبخس الأسعار.
أما على الصعيد الثقافي, تُولي البنوك الاسلامية أهمية خاصة لدعم و إثراء و نشر الفكر الاقتصادي الاسلامي من خلال المشاركة و اعداد اللقاءات و المؤتمرات العلمية, فضلا عن اصدار و نشر البحوث و الدراسات و الكتب التي تتناول الاقتصاد و الصيرفة الاسلامية لتنمية الوعي المصرفي الاسلامي.
و من ناحية تحديد العائد و توزيع الأرباح, فالبنوك التقليدية تقوم بتحديد سعر الفائدة مقدما, فيكون عائد البنوك ممثلا في العائد على الفرق بين الفائدة الدائنة و المدينة مع تحمل المقترض وحده تبعة الخسارة سواء كانت بسببه أم لم تكن. أما البنوك الاسلامية فتحقق الربح من خلال أنشطة استثمارية حقيقية و اذا ما وقعت خسارة يتحملها المصرف الاسلامي, و يكفي العميل خسارته لوقته و جهده باعتباره مضاربا. و يختلف العائد الموزع على الحسابات الاستثمارية من بنك اسلامي لأخر حسب الظروف و تبعا لنتائج العمليات الاستثمارية التي دخل فيها البنك كمشارك.
و قد شكل الفرق بين البنك الاسلامي و البنك التقليدي, و المميزات التي تقدمها الصيرفة الاسلامية, عامل جذب لشريحة كبيرة من العملاء الذين لا يحبذون التعامل مع البنوك التقليدية الربوية, التي تبنى بعضها نتيجة لذلك, قرار التحول الى بنوك اسلامية سواء جزئيا عبر فتح فروع اسلامية, أو التحول بشكل كامل الى الصيرفة الاسلامية.
و يتم تحول المصرف التقليدي إلى مصرف إسلامي بقرار تحول كلي بشكل فوري بتاريخ محدد. و قد يكون القرار من داخل المصرف أو من خارجه بتملكه من قبل الراغبين في تحوله.
و يجب تنفيذ ما تتطلبه الشريعة ليتحول مصرف تقليدي إلى مصرف إسلامي, مع الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في كل العمليات الجديدة بعد التحول. أما العمليات غير المشروعة المبرمة قبل قرار التحول فالأصل التخلص منها فورا, و لا يجوز التأخر إلا بما تقتضيه الضرورة أو الحاجة مراعاة للظروف الواقعية للمصرف، لتجنب خطر الانهيار أو حالات التعثر على أن يتم التخلص من آثارها وفقا لهذا المعيار.
يتطلب تحول الفروع التقليدية إلى العمل المصرفي الاسلامي وضع خطة تحول باتخاذ بعض الإجراءات العملية التالية:
• تحديد الفروع المطلوب تحويلها.
• تشكيل فريق عمل يضم متخصص من الإدارات التالية: (النظم،المالية،الرقابة الشرعية، الفروع المصرفية الإسلامية، التدريب).
• تحديد تاريخ بدء التنفيذ.
• الاتصال بالعملاء عن طريق إرسال خطابات أو ترتيب لقاء مع العملاء.
• اتخاذ الإجراءات اللازمة بإعداد الأدوات و إيجاد البدائل للتطبيقات الممنوعة شرعا، وتأهيل الطاقات اللازمة للتنفيذ الصحيح.
• تعديل الترخيص إذا كانت الجهات الرقابية تتطلب ذلك، وتعديل عقد التأسيس و النظام الأساسي من خلال القنوات المطلوبة لتعديله بتضمينه أهدافا و وسائل تلائم العمل المصرفي الاسلامي.
• إعادة بناء الهيكل التنظيمي للبنك, مع تعديل لوائح ونظم العمل ومحتوى الوظائف وشروط التوظيف بما يتلاءم مع الوضع الجديد.
• تكوين هيئة رقابة شرعية وكذلك هيئة رقابة شرعية داخلية وفق ما جاء في معايير الضوابط الصادرة عن هيئة المحاسبة و المراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
• تعديل أو وضع نماذج للعقود و المستندات متفقة مع أحكام و مبادئ الشريعة الإسلامية.
• فتح حسابات لدى المصارف في الداخل والخارج وتصحيح الحسابات لدى المصارف المحلية أو المراسلة, مع الاقتصار على ما تقتضيه الحاجة.
• إعداد برنامج خاص لتهيئة الطاقات البشرية وتأهيلها لتطبيق العمل المصرفي الإسلامي.
• اتخاذ الخطوات اللازمة لتطبيق معاير المحاسبة والمراجعة والضوابط و الأخلاقيات الصادرة عن هيئة المحاسبة و المراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
• وضع خطة لتطوير الموارد البشرية لتكون قادرة على التعامل مع العملاء. و تتضمن هذه الخطة اختيار الأفراد ذوي الخبرة في مجال العمل المصرفي الاسلامي, و إعدادهم و تدريبهم على العمل المصرفي الاسلامي.
يجب العمل كذلك على تعديل طريقة التعامل مع المصرف المركزي سواء في مجال الإيداع أو الحصول على السيولة, و غير ذلك، بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية خاصة ما يتعلق بالتعامل الربوي. ومن التطبيقات المقترحة في هذا الصدد للاحتياطي القانوني إيداع بعض المستندات المتعلقة بالمدينن ضمانا، بدلا من تجميد الأرصدة النقدية، وإجراء تمويات حكومية بصيغ شرعية. و من التطبيقات المقترحة أيضا لأجل المقاصة, أن يتم الاقتصار على الحسابات الجارية بدون فوائد، أو مع التخلص من الفوائد وتعديل طريقة التعامل مع المصرف المركزي في مجال الحصول منه على سيولة بفتح حسابات استثمارية له.
أما العلاقة مع المصارف التقليدية فينبغي أن تقوم على أساس عدم التعامل بالربا, و استخدام الصيغ المقبولة شرعا و التوسع في التعامل مع المؤسسات المالية الإسلامية من خلال فتح أبواب التعاون و التنسيق معها.
يجب على البنوك القليدية الراغبة في التحول الى بنوك اسلامية أن تقوم في إطار هذه العملية بتصفية آثار العمليات التقليدية السابقة التي حصلت فيها على موجودات نقدية في مواردها مما التزمت بفائدة عنها، سواء مع الأفراد أو المصارف أو المصرف المركزي. وهذه التصفية تشمل المبالغ المودعة في الحسابات، والأسهم الاستثمارية الممتازة، والشهادات الاستثمارية بفائدة، وسندات القرض ونحوها, التي أُصدرت قبل قرار التحول. حيث يتم الاقتصار على ما هو مشروع من وسائل للحصول على السيولة اللازمة لمزاولة الأنشطة مثل:
– زيادة أصحاب حقوق الملكية مساهماتهم عبر رفع رأس المال، و استقطاب حسابات الاستثمار و الحسابات الجارية.
– إصدار الصكوك الاسلامية، مثل صكوك المضاربة أو المشاركة أو التأجير بالضوابط الشرعية.
– إجراء عمليات بيع لبعض موجودات البنك ثم استئجارها، مع مراعاة ما جاء في المتطلبات الشرعية للإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك, بحيث يتم الفصل بين إبرام عقد البيع و بين عقد الإجارة و عدم الربط بينهما.
– إجراء صفقات سلم يكون فيها البنك بائعا، أو صفقات استصناع يكون فيها البنك صانعا مع اشتراط تعجيل ثمن الاستصناع (مع أنه يصح تأجيله).
– إجراء عمليات تورق بضوابط شرعية، بشراء سلع بثمن مؤجل ثم بيعها بثمن حال لغير البائع الأول.
يجب كذلك على البنك الذي إتخذ قرار التحول أن يُوقف طرق توظيف الأموال التي تعتمد الإقراض بفائدة، و يستبدلها بصيغ الاستثمار و التمويل المشروعة من قبيل المضاربة، والمشاركة, والمرابحة، والسلم و الاستصناع… وغيرها من صيغ الاستثمار الشرعية.
كما ينبغي السعي ما أمكن الى إنهاء القروض الربوية التي أقرضها البنك للغير قبل قرار التحول, سواء كانت قصيرة الأجل أو طويلة. ثم تحويل أصل مبالغ القروض إلى تمويلات تتفق و مبادئ الشريعة الإسلامية. و ما لم يستطع البنك إنهاءه فإنه يتخلص من فوائده.
و يجب التخلص من ما آل إلى البنك قبل التحول من الكسب غير المشروع, بصرفه جميعه دون تأخر إلا إذا تعذر ذلك بأن كان التخلص الكلي الفوري يؤدي إلى شل أنشطة البنك أو إفلاسه فيمكن التخلص حينئذ على مراحل مناسبة. و يجب أن تصرف الفوائد وغيرها من الكسب غير المشروع في وجوه الخير وأغراض النفع العام, حيث لا يجوز أن يستفيد البنك منها بأي طريقة كانت مباشرة أو غير مباشرة، مادية كانت أم معنوية.
أما الزكاة الواجبة على البنك قبل قرار التحول, فإذا كان التحول من خلال تملك راغبين في تحويل البنك التقليدي الى بنك اسلامي, فلا يجب عليهم الزكاة عن الفترة السابقة، و إنما هي على الملاك السابقين. و يُوجد و ينشأ سبب وجوب الزكاة على الملاك الجدد منذ التحول.
و يطبق بشأن مسؤولية إخراج الزكاة ما ورد في معيار الزكاة رقم 9 الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. أما إذا كان التحول بقرار داخلي من البنك, فإن أداء الزكاة واجب على المساهمين.
أخيرا فإنه رغم الفرق بين البنوك الإسلامية و البنوك التقليدية, فإن لها أيضا قواسم مشتركة, بالنظر الى أن هذه البنوك – الاسلامية و التقليدية- تقدم مجموعة من الخدمات المصرفية من قبيل إصدار الشيكات, و تأجير الصناديق الحديدية, و التحويلات المصرفية… باعتبار أن تلك الخدمات لاتتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية.
مقالات قد تهمك :
❖ تعريف البنوك الإسلامية
❖ المماطلة في تسديد الديون
❖ الرقابة الشرعية
❖ البنوك التشاركية في المغرب
شكرا كتير
بس سؤال عن إمكانية استثمار المصارف التجارية في صناديق الاستثمار الإسلامية واهميتة
وعن العلاقة بين التجاري والمصرف الاسلامي بالتعاون
الله يوفقكم الى كل خير
وياريت اذا فيه امكانية ان ترسلوا لي ما هو متعلق بالصيرفة الاسلامية وبالمصارف الاسلامية لانى مهتم بهم حديثا وجزاكم الله كل خير
شكرا على اهتمامك استاذ مصطفى, سنضيفك ان شاء الله على لائحتنا ليصلك كل جديد.
شكرا جزيلا
سؤال
مدى قدرة تحمل راس المال للمخاطر في البنوك الاسلامية و البنوك التقليدية